أبراج الحظ ووهم المستقبل
فلا يجوز للمسلم أن يأتي العرافين، أو يستمع إليهم، ولو لم يصدقهم فيما يدعونه من علم الغيب؛ أما إن صدقهم بما يقولون، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
عباد الله؛ إن الله تعالى استأثر بعلم الغيب فقال عز وجل: ﴿ {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} ﴾ [النمل: 65].
ولقد انتشر وكثر ما يسمى بعلم النجوم والأبراج، والحظ والطالع، وهذه من التنجيم: وهو ربط الحوادث الأرضية بالنجوم، والاستدلال على ما يحدث فيها بالأحوال الفلكية فيستدلون باقتران النجم الفلاني بالنجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا، وأن المولود في البرج الفلاني سيكون سعيدًا، والمولود في البرج الفلاني سيكون تعيسًا، وما يذكرونه من اختلاف طبائع الناس وأمزجتهم حسب اختلاف أبراجهم.
والحوادث الأرضية كلٌ من عند الله، قد تكون أسبابها معلومة لنا، وقد تكون مجهولة، وليس للنجوم بها علاقة.
والتنجيم من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبيان أنها من الشرك لما فيها من التعلق بغير الله تعالى، واعتقاد الضر والنفع في غيره، وتصديق الكهنة والعرافين الذين يدّعون علم الغيب زورًا وبهتانًا ليغيروا عقائد الناس ويبتزوا أموالهم، روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « «من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» »، وما رواه البزار بإسناد جيد عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « «ليس منا من تطير أو تُطير له أو تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له» ».
ومن ادعى معرفة علم شيء من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن وإما مشارك له في المعنى.
فالتنجيم عمل محرم شرعًا؛ لأنه ضرب من الكهانة التي يتكلّف الكاهن فيها الإخبار بالغيبيات. وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أمور كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان؟ قال: « «فلا تأتوا الكُهان» ». وأخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنهما قالت: سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ناسٌ عن الكهان، فقال: « «ليسوا بشيءٍ» »، فقالوا: يا رسول الله، إنهم يحدثونا أحيانًا بشيءٍ فيكون حقًا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجنِّي فَيُقِرُّها في أذن وليِّه فيخلطون معها مائة كذبة» ».
وقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان هؤلاء الكهان أيّما زجر، فقال صلى الله عليه وسلم: « «من أتى عرَّافًا فسأله عن شيءٍ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» »، (أخرجه مسلم) . والعرَّاف: هو الكاهن، كما في الصحاح للجوهري، وقيل: هو المنجم، كما في "المرقاة" (4/529).
فلا يجوز للمسلم أن يأتي العرافين، أو يستمع إليهم، ولو لم يصدقهم فيما يدعونه من علم الغيب؛ أما إن صدقهم بما يقولون، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ».
قال العلماء: إنما نهي عن إتيان الكهان لأنهم يتكلمون في مُغَيَّبات قد يصادف بعضها الإصابة، فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك، لأنهم يلبسون على الناس كثيرًا من أمر الشرائع، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم". "شرح النووي" (5/ 22)، وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (27-203): " أبراج الحظ يحرم نشرها والنظر فيها وترويجها بين الناس، ولا يجوز تصديقهم، بل هو من شعب الكفر والقدح في التوحيد، والواجب الحذر من ذلك، والتواصي بتركه، والاعتماد على الله، والتوكل عليه في كل الأمور".
والنصيحة لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم طاعةً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظًا على دينه وعقيدته.
وإذا أشكل على العبد أمر من أمور دنياه في زواج أو تجارة أو دراسة فعليه أن يستخير الله تعالى كما ندب إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وما ينشرح له صدره بعد الاستخارة فهو الخير، وليفعله.
والمنجمون يزداد ضررهم ويطير شررهم مع الوسائل الحديثة فلهم مواقع ومعرفات في الانترنت والتواصل الاجتماعي بأسماء تروج على العامة كالشيخ الروحاني أو جلب الحبيب أو غيرها فانتشرت صفحاتهم، وافتتن الجهال بهم بل وساهموا في الترويج لهم وهم لا يشعرون.
فعلى المسلم أن يحفظ وقته وإيمانه بالبعد عن هذه المواطن والمواقع، والاعراض عن دخول هذه الصفحات، مع السعي في الإنكار والابلاغ عن هؤلاء المنجمين، بكل وسيلة ممكنة.
- التصنيف: