الكلم الطيب: شرح أذكار الصباح والمساء 1

منذ 2024-11-17

الكلم الطيب: شرح أذكار الصباح والمساء 1 - شرح كتاب حصن المسلم للقحطاني

أذْكَارُ الصَّبَاحِ والمَسَاءِ

(الحمدُ للهِ وَحْدَهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى مَنْ لا نبيَّ بَعْدهُ).

أراد المصنف من هذا القول؛ الاشتغال بذكر الله تعالى – والصلاة على رسوله في تلك الأوقات.

[قال المصحح: أردتُ أن يبدأ المسلم بالحمد لله تعالى والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله ثم يذكر الله تعالى]

قال رسول الله: (لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إليَّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربعة)

قوله: (من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل) أي: أحررها وأخلصها إذ هي من أنفس وأغلى الأنفس.

(أعوذ بالله مِنَ الشَّيْطانِ الَّرجيمِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الـْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ).

صحابي الحديث هو أُبي بن كعب

والحديث بتمامه؛ هو أن أُبي بن كعب كان له جُرْنٌ من تمر، فكان ينقص، فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال: ما أنت؟ جنيٌّ أم إنسيٌّ؟ قال: جني، قال: فناولني يدك، فناوله يده، فإذا يدُه يدُ كلبٍ، وشعرُه شعرُ كلب، قال: هذا خَلْقُ الجِنِّ؟!

قال: قد علمتِ الجنُّ أن ما فيهم رجلاً أشد مني، قال: فما جاء بك؟ قال: بلغنا أنك تحبُّ الصدقة، فجئنا نُصيبُ من طعامك، قال: فما ينجينا منكم؟ قال: هذه الآية التي في سورة البقرة: âاللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..من قالها حين يُمسي أجير منا حتى يصبح، ومن قالها حين يُصْبِحُ أُجيرَ منا حتى يُمسي.

فلما أصبح أتى رسول الله، فذكر ذلك له؟! فقال: (صدق الخبيث).

قوله: (جُرن) الجرن هو موضع تجفيف التمر.

قوله: (بدابة شبه الغلام المحتلم) أي: البالغ؛ والمعنى: أنه رأى مخلوقاً حجمه كحجم الغلام البالغ.

قوله: (أُجير) أي: حُفِظَ ووُقي.

 – { (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)}

«(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )»

{(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الـْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْـجِنَّةِ وَالنَّاسِ) } ( ثلاث مرات)

- صحابي الحديث هو عبدالله بن خُبَيب

وجاء في الحديث: من قالها ثلاث مرات حين يصبح وحين يمسي؛ كَفَتْهُ من كل شيء.

«(أصْبَحْنَا وَأصْبَحَ الـمُلْكُ للـهِ، وَالـحَمْدُ لِلَّـهِ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ، ولَهُ الـحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا في هَذَا اليَوْمِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذَا اليَوْمِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وعَذَابٍ فِي القَبْرِ)»

وإذَا أمْسَى قَالَ: أمْسَيْنَا وأمْسَى الـمُلْكُ لِلَّـهِ

وإذَا أمْسَى قَالَ: رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وشَرِّ مَا بَعْدَهَا.

صحابي الحديث هو عبدالله بن مسعود

قوله: (أصبحنا) أو (أمسينا) أي: دخلنا في الصباح، أو دخلنا في المساء متلبسين بنعمةٍ وحفظٍ من الله تعالى.

قوله: (إذا أمسى) أي: إذا دخل في [المساء]، وفي لفظ (إذا أصبح) أي: إذا دخل [في الصباح].

قوله: (وأصبح الملك لله)، وأيضاً قوله: (وأمسى الملك لله) أي: استمر دوام الملك والتصرف لله تعالى.

قوله: (رب) أي: يا رب.

قوله: (خير ما في هذا اليوم – أو هذه الليلة ) أي: الخيرات التي تحصل في هذا اليوم – أو هذه الليلة – من خيرات الدنيا والآخرة؛ أما خيرات الدنيا فهي حصول النعم والأمن والسلامة من طوارق الليل وحوادثه.. ونحوها، وأما خيرات الآخرة فهي حصول التوفيق لإحياء اليوم والليلة بالصلاة والتسبيح، وقراءة القرآن.. ونحو ذلك.

قوله: (وخير ما بعده – أو ما بعدها -) أي: أسألك الخيرات التي تعقب هذا اليوم أو هذه الليلة.

قوله: (من الكسل) وهو عدم انبعاث النفس للخير مع ظهور الاستطاعة، فلا يكون معذوراً، بخلاف العاجز؛ فإنه معذور لعدم القوة وفقدان الاستطاعة.

قوله: (وسوء الكِبَر) أراد به ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل، والتخبط في الرأي، وغير ذلك مما يسوء به الحال.

قوله: (رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر) وإنما خصَّ عذابي النار والقبر، من بين سائر أعذبة يوم القيامة؛ لشدتهما، وعظم شأنهما؛ أما القبر: فلأنه أول منزل من منازل الآخرة؛ فإن من سلم فيه سلم في الجميع؛ وأما النار: فإن عذابها شديد، نعوذ بالله من ذلك، يا ربّ سلِّم سلِّم.

«(اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وإلَيْكَ النُّشُورُ)»

«(وإذَا أمْسَى قَالَ: اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوْتُ، وَإليْكَ الـمَصِيْرُ)» .

صحابي الحديث هو أبو هريرة

قوله: (بك أصبحنا) متعلق بمحذوف؛ فكأنه يريد: بنعمتك أصبحنا، أو بحفظك.. أو بذكرك..، وكذلك التقدير في قوله: (وبك أمسينا).

قوله: (وبك نحيا) يكون في معنى الحال؛ أي: مستجيرين ومستعيذين بك في جميع الأوقات، وسائر الأحوال، في الإصباح والإمساء، والمحيا والممات.

قوله: (وإليك النشور) أي: الإحياء للبعث يوم القيامة.

قوله: (وإليك المصير) أي: المرجع.

وإنما قال في الإصباح: (وإليك النشور)، وفي الإمساء: (وإليك المصير)؛ لأن الإصباح يشبه النشر بعد الموت، والإمساء يشبه الموت بعد الحياة؛ فلذلك قال فيما يشبه الحياة: (وإليك النشور)، وفيما يشبه الممات: (وإليك المصير) رعاية للتناسب والتشاكل، والله أعلم.

«(اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنَا عَبْدُكَ، وأَ نَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أ بُوْءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأبُوْءُ بِذَنْبِي فَاغْفِر لِي فَإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ)»

- صحابي الحديث هو شدَّاد بن أوس

وجاء في الحديث: أن من قالها موقناً بها حين يمسي، فمات من ليلته دخل الجنة، وكذلك إذا أصبح.

قوله: (لا إله إلا أنت خلقتني) اعتراف بالوحدانية والخالقية.

قوله: (وأنا عبدك) اعتراف بالعبودية.

قوله: (وأنا على عهدك ووعدك) أي: عهدك إليَّ بأن أوحدك، وأعترف بألوهيتك ووحدانيتك، ووعدك الجنة لي على هذا؛ يعني: أنا مقيم على توحيدك، وعلى حقيقة وعدك لي.

قوله: (ما استطعت) أي: قدر استطاعتي؛ لأن العبد لا يقدر على الشيء إلا قدر استطاعته.

قوله: (أبوء لك بنعمتك علي) أي: أعترف وأقر لك بما أنعمت به علي.

قوله: (وأبوء بذنبي) أي: أُقِرُّ وأعترف بما اجترحت من الذنب.

قوله: (فإنه) أي: فإن الشأن أنه (لا يغفر الذنوب إلا أنت)؛ لأن غفران الذنوب مخصوص لله تعالى.

«(اللَّهُمَّ إنِّي أصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ، وأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، ومَلائِكَتِكَ، وجَميْعَ خَلْقِكَ، أنَّكَ أنْتَ اللهُ لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لَكَ، وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ ورَسُولُكَ)»  (أرْبَعَ مَرَّاتٍ)

صحابي الحديث هو أنس بن مالك

وجاء في الحديث: أن مَن قالها حين يصبح أو يمسي أربع مرات، أعتقه الله من النار.

قوله: (وأُشْهد حملة عرشك)؛ قال تعالى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ

قال ابن عباس: (فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ أي: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدَّتهم إلا الله)

وكذا قال الضحَّاك

وقال الحسن البصري ‘: (الله أعلم كم هم؟ أثمانية أم ثمانية آلاف؟).

قوله: (وملائكتك)؛ الملائكة خلق عظيم، خلقهم الله تعالى من نور؛ فعن عائشة ’ أن رسول الله قال: (خُلِقَت الملائكةُ من نورٍ، وخُلِقَ الجانُّ من مارج من نارٍ، وخُلِقَ آدمُ مِـمَّا وُصِفَ لَكُم)

وعطفه (جميع خلقك) على (ملائكتك)؛ من باب عطف العام على الخاص؛ لأن جميع الخلق تتناول الملائكة وغيرهم.

والمراد هنا من تخصيص الملائكة من بين سائر المخلوقات: هو الدلالة على أن الملائكة أفضل من البشر، أو أن المقام مقام الإشهاد، والملائكة أولى بذلك من غيرهم؛ إما لأنهم عرفوا أن الله لا إله إلا هو، وأن محمداً عبده ورسوله، قبل سائر المخلوقات، وإما لأن الأصل في الشهود العدالة، وهي أتمّ فيهم.

قوله: (أعتق الله) الإعتاق هنا هو التخلُّص عن ذل النار.

«(اللَّهُمَّ مَا أصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ، أوْ بِأحَدٍ مِنْ خَلقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لَكَ، فَلَكَ الـحَمْدُ ولَكَ الشُّكْرُ)»

وإذَا أمْسَى قَالَ: اللَّهُمَّ مَا أمْسَى بِي..

صحابي الحديث هو عبدالله بن غنَّام

وجاء في الحديث: أن من قالها: فقد أدَّى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي؛ فقد أدى شكر ليلته.

قوله: (ما أصبح بي) أي: ما صار مصاحباً بي من نعمة.

قوله: (فمنك) أي: فمن عندك ومن فضلك.

قوله: (وحدك) توكيد لقوله: (فمنك)؛ وأيضاً: (لا شريك لك) توكيد لـ (وحدك)؛ بمعنى كل ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك، لا يشاركك في إعطائها غيرك.

قوله: (لك الحمد ولك الشكر) أي: لك الحمد بلساني على ما أعطيت، ولك الشكر بجوارحي على ما أوليت، وإنما جمع بين الحمد والشكر؛ لأن الحمد رأس للشكر، والشكر سبب للزيادة، قال الله تعالى: âلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وشكر المنعم واجب؛ قال تعالى: وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ