اعتكاف بلا وسائل تواصل
لا يسوغ أن نرى المعتكف وهو يتجول في وسائل التواصل الاجتماعي، ويشاهد مقاطع اليوتيوب والسناب شات وغيرها؛ لأن الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الل
انتشر العمل بسُّنَّة الاعتكاف منذ سنوات ولله الحمد، إلا أن تطبيق هذه السُّنَّة يحتاج إلى حزمٍ وعزمٍ، وجدٍّ واجتهاد، وبُعْدٍ عن الملهيات، فلا يسوغ أن نرى المعتكف وهو يتجول في وسائل التواصل الاجتماعي الساعاتِ الطوالَ، ويشاهد مقاطع اليوتيوب والسناب شات وغيرها؛ لأن الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله، والتنقل بين مجموعات الواتساب، وتويتر وغيرها، يأكل الوقت، وليس فيه إلا إشغال القلب بما أقله أنه مباح، وقد يكون فيه من الحرام من سخرية أو لمز أو غيرها، ولأَنْ يعتكف المسلم ساعاتٍ قصيرة في طاعة تامة خيرٌ من أن يعتكف أيامًا في لهوٍ وعبثٍ وتقليب للمقاطع في جواله، ومتابعة لوسائل التواصل الاجتماعي، وأما مشاهدة ما يُثير الغرائز، وفي المساجد، فمن أعجب العجب، فإذا كان المعتكف ممنوعًا من مباشرة زوجته بالحلال، فكيف بمن يشاهد مقاطع اليوتيوب والمسلسلات وهو معتكف؟ وقد قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]؛ قال ابن عبدالبر رحمه الله: "وأجمعوا على أن المعتكف لا يُباشر ولا يُقبِّل"؛ [تفسير القرطبي (2 /332)]، ولما ذكر الله تعالى حُكمَ الاعتكاف؛ قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]، وفيه المنع من كل ما يُوصل إلى الحرام، وتسمى هذه القاعدة عند الفقهاء: قاعدة سد الذرائع؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله: "قوله: {فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] أبلغ من قوله: (فلا تفعلوها)؛ لأن القربان يشمل النهيَ عن فِعلِ المحرَّم بنفسه، والنهي عن وسائله الموصلة إليه... ثم قال: وأما الأوامر فيقول فيها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]، فينهى عن مجاوزتها"؛ [تفسير السعدي /87].
فَلْيَتْرُكِ المعتكفُ جوالَه في منزله، أو على أقل تقدير ليترك الدخول على الإنترنت؛ فهي أيام قلائلُ، وسيعوضه الله خيرًا.
وفي نهاية هذه التعليقة، أُنبه إلى شراء بعض المعتكفين من الباعة خارج المسجد؛ وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الخروج من المعتكَف على ثلاثة أقسام:
1- جائز بلا شرط؛ وهو الخروج للضروريات من أكل أو حاجة، أو صلاة جمعة أو طهارة.
2- الخروج لطاعة غير واجبة؛ كشهود جنازة، وهذه تجوز إذا اشترطه وإلا فلا.
3- الخروج لأمرٍ ينافي الاعتكاف؛ كالبيع والشراء، فهذا لا يجوز بكل حال".
كما أن الخروج لغير ضرورة من شراء حاجيات لأجل العيد، ونحو ذلك مما هو موجود عند المعتكفين يُعَدُّ من نواقض الاعتكاف؛ قال الشيخ صالح البليهي رحمه الله في (السلسبيل): "يبطل الاعتكاف بأحد ستة أشياء: الرِّدَّة، ونية الخروج ولو لم يخرج، وبالخروج لغير ضرورة، وبالوطء بالفَرْجِ، وبالإنزال عن مباشرة، وبالسُّكْر".
___________________________________
الكاتب: د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
- التصنيف: