خطبة عيد الأضحى بمصر 1446هـ

منذ 2025-06-04

إِيمَانًا بِهَذَا وَعَمَلًا بِذَاكَ أَتَيْنَاكُمْ نَذْكُرُكُمْ الْيَوْمَ ، وَكُلَّ يَوْمٍ ، وَنُذَكِّرُ أَنْفُسَنَا بِأَمْرٍ يَمَسُّ عَقِيدَتَنَا كَمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى " لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ "

أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامَ : 
إِيمَانًا بِأَنَّ اَلذِّكْرَى تَنْفَعُ اَلْمُؤْمِنِينَ ، وَعَمَلًا بِسُنَّةِ الْحَبِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلْقَائِلِ " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً "

إِيمَانًا بِهَذَا وَعَمَلًا بِذَاكَ أَتَيْنَاكُمْ نَذْكُرُكُمْ الْيَوْمَ ، وَكُلَّ يَوْمٍ ، وَنُذَكِّرُ أَنْفُسَنَا بِأَمْرٍ يَمَسُّ عَقِيدَتَنَا كَمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى " لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ "

إِنَّ اَللَّهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ هَذِهِ : دَعْوَةٌ إِلَى حُسْنِ اَلظَّنِّ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، هَذِهِ دَعْوَةٌ إِلَى اَلثِّقَةِ فِي وَعْدِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . .

إِنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ هِيَ : دَعْوَةٌ إِلَى الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ مَعَ صِدْقِ الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا . .

مِنْ سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِسَبَبٍ ، أَنْ تَسْعَى ، أَنْ تَتَحَرَّكَ ، أَنْ تَجْتَهِدَ ، أَنْ تَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، أَنْ تَدْعُوَهُ ، أَنْ تَرْجُوَهُ ، أَنْ تَعْمَلَ كُلَّ مَا عَلَيْكَ ، وَكَأَنَّ هَذِهِ اَلْأَسْبَابَ اَلَّتِي أَخَذْتَ بِهَا هِيَ كُلُّ شَيْءٍ ، ثُمَّ تَتَوَكَّلُ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَكَانَ كُلُّ الْأَسْبَابِ لَا تُسَاوِي أَيَّ شَيْءٍ . .

{{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }} [سورة الأنبياء] .

إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ : شُعُورٌ يَعِيشُهُ الْيَوْمَ عَمَلِيًّا حُجَّاجُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ( نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَرْزُقَنَا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ) اللَّهُمَّ آمِينْ .

عِنْدَ الرَّمْلِ وَالِاضْطِبَاعِ وَعِنْدَ إِظْهَارِ الْقُوَّةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى مِنْ الطَّوَافِ حَوْلَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَفِي أَشْوَاطٍ أَرْبَعَةٍ بَعْدَهَا الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ : هُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ ، فَالْهِجْرَةُ لَمْ تُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ ، وَالْأَنْصَارُ لَمْ يَخْذُلُوا الْمُهَاجِرِينَ ، وَحِمَى يَثْرِبَ لَمْ تُضْعِفْ الْمُؤْمِنِينَ . .

وَعِنْدَ الصَّلَاةِ فِي صَحْنِ الْكَعْبَةِ حَيْثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُؤْذَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُوضَعُ سُلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ الشَّرِيفِ ، وَتَأْتِي إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِنَّ تُنَحِّي الْقَذَارَةَ وَالنَّجَاسَةَ عَنْ الظَّهْرِ الشَّرِيفِ وَعَيْنَاهَا تَبْكِيَانِ فَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى كَتِفَيْهَا يُطَمْئِنُهَا يَقُولُ " « يَا بُنَيَّةُ : لَا تَحِزْنِي ، لَا تَجْزَعِي إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُ أَبَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . .

عِنْدَمَا تَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ( الْعَيْنِ الَّتِي فَجَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِهَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ ) عِنْدَمَا تَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ حَتَّى تَتَضَلَّعَ عَمَلًا بِسُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ هُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . .

وَعَلَى صَعِيدِ عَرَفَاتٍ وَالنَّاسُ قَدْ حُشِرُوا سَوَاسِيَةً كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ فِي مَشْهَدٍ لَا يُذَكِّرُنَا بِشَيْءٍ إِلَّا بِمَشْهَدِ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَرْضِ الْحِسَابِ وَالْإِلَهُ الْعَظِيمُ يَتَنَزَّلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا تَنَزُّلًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَكَمَالِهِ فَيُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ إِنْعَامِهِ وَإِحْسَانِهِ فَيُنْزِلُ عَلَيْهِمْ الرَّحَمَاتِ وَيَتَجَاوَزُ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ ، الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ : هُوَ الْإِيمَانُ بَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ . .

عِنْدَ رَمْيِ اَلْجِمَارِ ، هَذَا اَلْمُنْسُكُ اَلَّذِي ( يَرْمُزُ ) إِلَى مُعَادَاةِ اَلشَّيْطَانِ وَ ( يَرْمُزُ ) إِلَى خَلْعِ طَاعَتِهِ مِنْ اَلنُّفُوسِ وَمِنْ اَلْقُلُوبِ : اَلدَّرْسُ اَلْمُسْتَفَادُ هُوَ اَلْإِيمَانُ بِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . .

عِنْدَ السَّعْيِ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَيْنَ السَّعْيِ تَارَةً وَبَيْنَ الْهَرْوَلَةِ تَارَةً أُخْرَى : الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ هُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . .

عِنْدُ نَحْرِ الْهَدْيِ إِشَارَةً إِلَى تَضْحِيَةِ إِبْرَاهِيمَ وَفِدَاءِ إِسْمَاعِيلَ : الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ هُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . .

{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ ، رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ، وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) سورة الصافات .

مَعَ قُدُومِ ذِي الْحِجَّةِ وَبَيْنَمَا نَحْنُ نَعِيشُ أَيَّامَ الْحَجِّ وَالْعَجِّ وَالثَّجِّ نَتَعَلَّمُ وَنُؤْمِنُ إِيمَانٌ عَمَلِيًّا مَعَ كُلِّ مُنْسَكٍ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ ..

وَالسُّؤَالُ يَقُولُ : وَمَنْ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟
مَنْ هُمْ أُولَاءِ الَّذِينَ لَا يُضَيِّعُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَخْذُلُهُمْ وَلَا يُسَلِّمُهُمْ ؟

أَهْلُ اللَّهِ اَلَّذِينَ لَا يُضَيِّعُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَخْذُلُهُمْ وَلَا يُسَلِّمُهُمْ : 

هُمْ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَهً وَاحِدًا أَحَدًا فَرْدًا صَمِدًا . .

أَهْلُ اللَّهِ : الَّذِينَ لَا يُضَيِّعُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى , وَلَا يَضُرُّهُمْ , وَلَا يَخْذُلُهُمْ ، وَلَا يُسَلِّمُهُمْ . .

هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِهِ ، هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ ، الَّذِينَ يَأْتُونَ بِهَا . .

أَهْلُ اللَّهِ : الَّذِينَ لَا يُضَيِّعُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى , وَلَا يَضُرُّهُمْ ، وَلَا يَخْذُلُهُمْ ، وَلَا يُسَلِّمُهُمْ . .

هُمْ الَّذِينَ : صَدَقَتْ نَوَايَاهُمْ ، وَحَسُنَتْ أَخْلَاقُهُمْ ، وَخَلُصَتْ أَعْمَالُهُمْ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . .

أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامَ : اَلْإِيمَانُ بِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ نِعْمَةً . .

نِعْمَةً تَنْعَكِسُ عَلَى حَيَاةِ الْمُؤْمِنِ ، فَيَطْمَئِنُّ قَبِلَهُ ، وَتَهْدَأُ نَفْسُهُ ، وَتَسْكُنُ رُوحُهُ . .

{{ وَيُنْجِي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَّازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }} [سُورَةُ الزُّمَرِ ] .

لَا قَلَقَ مَعَ اَلْإِيمَانِ بِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ ، لَا تَوَتُّرٌ ، وَلَا هَمَّ ، وَلَا غَمٌّ ، وَلَا حُزْنٌ ، مَعَ اَلْإِيمَانِ بِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . .

{{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }} - {{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا }} - {{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا }}

أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَرْزُقَنَا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

-------------------------------
- جَمْعُ وَتَرْتِيبُ الشَّيْخِ / مُحَمَّدِ سَيِّدِ حُسَيْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ .
- إِدَارَةُ اوقاف القناطر الخيرية. 
- مديرية أَوْقَافِ الْقَلْيُوبِيَّةِ . مِصْرُ .
 

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.