فضائل التوحيد

منذ 19 ساعة

فأوَّل واجب على العبيد إفراد رب العرش عن النديد، ومعرفته بالتوحيد، وقد جاءت النصوص الشرعية تترى مبينةً لفضل التوحيد وأثره الحميد، ومنه:

الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأوَّل واجب على العبيد إفراد رب العرش عن النديد، ومعرفته بالتوحيد، وقد جاءت النصوص الشرعية تترى مبينةً لفضل التوحيد وأثره الحميد، ومنه:

1.  دخول الجنة:
من فضائل التوحيد: أنه السبب الوحيد لنيل رضا الله ودخول الجنة، فعن عُبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن شَهِدَ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم ورُوح منه، وأن الجنة حقٌّ، وأن النار حقٌّ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» (أخرجه البخاري (3435)، ومسلم (28)).

2.  النجاة من النار:
من فضائل التوحيد: أنه السبب في النجاة من النار، فهو يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى مثقال حبَّة خردل. وأنه إذا كَمُل في القلب يمنع دخول النار بالكلية؛ ففي حديث عِتبان بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فإن الله حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله (أخرجه البخاري (5401)، ومسلم (33)).

3.  دخول الجنة بغير حساب:
من فضائل التوحيد: أن مَن حقَّقه دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. وجاء في صفة السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: أنهم الذين لا يَسْتَرْقُون، ‌ولا ‌يتطيَّرون، ولا يكتَوُون، وعلى ربهم يتوكَّلون (أخرجه البخاري (5705)، ومسلم (218))، وهذا لتحقيقهم التوحيد، وتحقيقه التوحيد: هو تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي.

4.  أساس قبول الأعمال:
من فضائل التوحيد: أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقِّفة في قبولها وفي كمالها، وفي ترتُّب الثواب عليها على التوحيد؛ فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كَمُلت هذه الأمور وتمَّت، ومن خالف فأشرك حَبط عملُه كلَّه؛ قال تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88].

5.  مغفرة الذنوب:
من فضائل التوحيد: أنه يغفر الله به الذنوب، ويكفّر به السيئات، ففي الحديث القدسي عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقُِراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتُك بقُرابها مغفرة» (أخرجه الترمذي (3540)، وحسَّنه الألباني في الصحيحة (127)). ومعنى قُرابها: مِلؤها ‌أو ‌ما ‌يُقارب ملأها. 

6.  تسهيل الطاعة:
من فضائل التوحيد: أنه يسهِّل على العبد فعل الخير وترك المنكرات؛ فالمخلص لله في إيمانه وتوحيده تخفُّ عليه الطاعات لما يرجوه من الثواب، ويَهُون عليه ترك المعاصي لما يخشاه من العقاب؛ فالتوحيد أعظم عَون على طاعته؛ فإنه يُحَبِّبُها إلى العبد، ويُسَهِّلها عليه، ويجعل قرَّة عينه فيها، قال تعالى لأهل التوحيد: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104].

7.  الفوز بشفاعة النبي-صلى الله عليه وسلم-:
من فضائل التوحيد: أن صاحبه هو أسعد الناس بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن أبي هريرة -رضي اللعنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أسعَدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة، مَن قال: لا إله إلا الله ‌خالصًا ‌مِن ‌قلبِه أو نَفْسِه» (أخرجه البخاري (99)).

8.  تحبيب الإيمان وتزيينه في القلب:
من فضائل التوحيد: أن التوحيد إذا كَمُل في القلب حبَّب الله لصاحبه الإيمان وزيَّنه في قلبه، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين، قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7].

9.  أصل دعوة الرسل:
من فضائل التوحيد: أنه أصل دعوة الرسل وأساسها، ولأجل هذا التوحيد أُرسلت الرسل وأُنزلت الكتب، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، ولأجل هذا التوحيد أمر الله خليله إبراهيم -عليه السلام- أن يبني الكعبة، وأن ينادي بالحج إليها، وأن يطهِّرها من الشرك؛ قال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]. أي: طهِّراه من الشرك وابنياه خالصًا لله.


10.  الهدى والأمن:
من فضائل التوحيد: أنه يحصِّل لصاحبه الهدى الكامل والأمن التام في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، وجاء في تفسيرها: أن الظلم هنا هو الشرك؛ لأن الشرك أظلم الظلم، قال تعالى في وصية لقمان لابنه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

11.  مضاعفة الثواب:
من فضائل التوحيد: أن التوحيد إذا تمَّ وكمُل في القلب وتحقَّق تحقُّقًا كاملًا بالإخلاص التام، فإنه يصيِّر القليل من عمله كثيرًا، وتُضاعَف أعمالُه وأقوالُه بغير حصرٍ ولا حسابٍ، وترجُحُ كلمة الإخلاص في ميزان العبد؛ كما في حديث البطاقة التي فيها لا إله إلا الله، والتي رَجَحَت بتسعة وتسعين سِجِلًّا من الذنوب، كلَّ سجِلٍّ يبلغ مدَّ البصر (أخرجه أحمد (6994)، وصححه الألباني في الصحيحة (135))؛ وذلك لكمال إخلاص قائلها.

12.  تفريج الكربات:
من فضائل التوحيد: أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة ودفع عقوبتهما، ويبسط الله به النِّعم والخيرات، قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87-88].

13.  تخفيف المكاره والآلام:
من فضائل التوحيد: أنه يخفف عن العبد المكاره ويهوِّن عليه الآلام؛ فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان يتلقَّى المكاره والآلام بقلبٍ منشرح، ونفسٍ مطمئنة، وتسليمٍ ورضا بأقدار الله المؤلمة؛ ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو عند ‌الكَرْبِ قائلًا: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض رب العرش العظيم [أخرجه البخاري (6345)، ومسلم (2730)].

14.  الحياة الطيبة:
من فضائل التوحيد: أن الله يدافع عن الموحِّدين شرور الدنيا والآخرة، ويمنُّ عليهم بالحياة الطيبة والطمأنينة إليه والطمأنينة بذِكره، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

15.  السيادة والاستخلاف في الأرض:
من فضائل التوحيد: حصول السيادة والاستخلاف في الأرض، والتمكين لأهله، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55] فربط اللهُ حصولَ هذه المطالب العالية بعبادته وحده لا شريك له.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه:  أحسن موسي