دروس من قضية (كاشغري)

منذ 2012-03-01

لا شك أن القضية لم تنته بعد وأن كاشغري وأولياءه سيسعون لحشد الخارج من دول أو منظمات حقوقية من أجل تكثيف الضغط على الحكومة السعودية, وسيشنون حربًا إعلامية شعواء تحت لافتة "حماية الفكر والرأي" وهو ما يلقي بالمسؤولية على العلماء والدعاة والشباب المسلم لكي يواصلوا حملتهم حتى ينال المتطاول جزاءه..


اهتزت الأوساط الشعبية والدعوية والإعلامية بشدة في الأيام الأخيرة في المملكة العربية السعودية وخارجها متفاعلة مع قضية حمزة كاشغري الكاتب في صحيفة البلاد والذي تطاول على الذات الإلهية والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على صفحته الخاصة على موقع "تويتر", ورغم تكرار مثل هذه الكفريات على ألسنة وأقلام بعض الكتاب في الفترة الأخيرة الذين يفوقون كاشغري شهرة بدعوى "حرية الفكر والرأي" إلا أن قضية كاشغري حصلت على اهتمام أكبر لوقوعها في أرض الحرمين وهو ما زاد من ردة الفعل العنيفة التي عبر عنها عدد من كبار العلماء والدعاة..


ولقد جاءت فتوى هيئة كبار العلماء في السعودية حاسمة وجازمة في وقت حاول بعض العلمانيين أن يستهينوا بالأمر ويبرروه بطريقتهم المعتادة بل عملوا على تجاهله لفترة طويلة حتى ضغط بعض الدعاة الغيورين وألحوا على الموضوع, وكان المقطع الذي نشر لفضيلة الشيخ ناصر العمر أمين عام رابطة علماء المسلمين وهو يبكي تأثرًا بالإساءات التي وجهت للذات الإلهية وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, وحقق أكثر من 650 ألف مشاهدة على اليوتيوب, قد حفز الكثيرين للاهتمام بالموضوع ومتابعته, وقد اتخذت الحكومة السعودية إجراءات سريعة ساهمت في تهدئة الرأي العام الداخلي والخارجي حيث طلبت من ماليزيا التي لجأ إليها كاشغري, تسليمه فورًا وهو ما نفذته السلطات الماليزية التي نأت بنفسها عن الدخول في مهاترات مع بعض المنظمات الدولية التي تسعى لتكريس حماية ازدراء الأديان..


لقد كشفت قضية كاشغري عن مجموعة من الدروس المستفادة من أهمها: دورالعلماء والدعاة في كشف وفضح أهل الباطل ولفت نظر العامة للمؤامرات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين, كذلك لفتت الانتباه إلى أن الكلمة والنصيحة الصادقة لا يستهان بهما في الحرب مع قوى الباطل وهو أمر سعى البعض للتقليل من شأنه على حساب استخدام القوة والعنف والذي يؤدي لأضرار ومفاسد أضعاف المصالح التي تترتب عليه...


أيضًا أثارت القضية الدور المتصاعد للإعلام الجديد وهو إعلام الإنترنت والمواقع الإجتماعية واليوتيوب والذي كان له الأثر في الكشف عن مكنونات المتطاول وأمثاله, وكذلك حشد الغاضبين والمطالبين بمحاكمته والضغط من أجل الإسراع في ملاحقته قبل فوات الأوان والذوبان في دولة من الدول الغربية التي ترحب بأمثال هؤلاء وتمنحهم اللجوء والجنسية والشهرة كما فعلوا من قبل مع الأكاديمي المصري نصر أبو زيد...كما كشفت القضية أيضًا عن المخطط العلماني في بلاد المسلمين والذي لا يقتصر عن المطالبة ببعض الحريات ومهاجمة ما يسمونه "بالتطرف الديني" بل يتعدى ذلك للنيل من ثوابت الأمة ودينها وقد ظهر ذلك جليًا في الصمت المريب عن القضية عندما تفجرت ثم الدفاع والتهوين من شأنها ومحاولة ايجاد المبررات والبحث في الدهاليز لإعفاء المتطاول من العقوبة..


لايمكن أن ننكر أيضًا أهمية التحرك الشعبي الذي صاحب القضية وتوجه الآلاف للمحاكم من أجل تقديم طلبات لمحاكمة الذي سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, فهذا التفاعل مع ما يطرحه أهل العلم هو الذي منح القضية الزخم المطلوب وجعل العلمانيين يتراجعون عدة خطوات للوراء..


في نفس الوقت كشفت القضية عن مناورات المسيئين للإسلام فكاشغري كتب متبرئًا مما قاله قبل هروبه بعد أن رأى ردود الأفعال المستهجنة لأقواله وعندما فر هاربًا وشعر ببعض الأمان عاد في حديث مع صحيفة أمريكية ليؤكد إصراره على أقواله المسيئة مدعيًا أن ذلك يدخل في باب "حرية الرأي"..


لا شك أن القضية لم تنته بعد وأن كاشغري وأولياءه سيسعون لحشد الخارج من دول أو منظمات حقوقية من أجل تكثيف الضغط على الحكومة السعودية, وسيشنون حربًا إعلامية شعواء تحت لافتة "حماية الفكر والرأي" وهو ما يلقي بالمسؤولية على العلماء والدعاة والشباب المسلم لكي يواصلوا حملتهم حتى ينال المتطاول جزاءه.


خالد مصطفى - 22/3/1433 هـ