من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"

منذ 7 ساعات

الحسبلة, وهي قول المسلم: " حسبنا الله ونعم الوكيل " من الكلمات, التي تقال عند الكروب والشدائد, وللسلف رحمهم الله أقوال فيها,  يسر الله الكريم فجمعت بعضًا منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

   

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد: فقد سئل العلامة ابن باز: ما صحة حديث: من قال حين يصبح وحين يمسي, " حسبي الله الذي لا إله  إلا هو, عليه توكلت, وهو رب العرش العظيم" سبع مرات, كفاه الله ما أهمه, من أمور الدنيا والآخرة.

فأجاب سماحته رحمه الله: هذا الحديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم, لكنه ضعيف, حديث ضعيف, وهذا الكلام طيب, إذا كرره الإنسان كثيرًا," حسبي الله الذي لا إله  إلا هو, عليه توكلت, وهو رب العرش العظيم" هذا آخر سورة التوبة, هذا كلام طيب, وعظيم إذا قاله الإنسان, وكرره كلام طيب, لكن كونه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من كرره سبعًا يحصل له ما ذكر, هذا فيه ضعف, ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم".

فالمسلم يقول هذه الكلمات, ويكررها, لكن ليس على أنها حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الحسبلة, وهي قول المسلم: " حسبنا الله ونعم الوكيل " من الكلمات, التي تقال عند الكروب والشدائد, وللسلف رحمهم الله أقوال فيها,  يسر الله الكريم فجمعت بعضًا منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

الله عز وجل حسيب جميع خلقه:

& قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الله وحده حسيب جميع الخلق كما قال تعالى {﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ ﴾} [آل عمران:173] أي: الله وحدنا كافينا كلنا

الحسبلة: الثقة والاعتماد على الله وتفويض الأمور إليه وأنه كافي عبده جميع ما أهمه:

& قال الإمام ابن جرير رحمه الله: {﴿ حَسۡبُيَ ٱللَّهُ ﴾ } [التوبة:129]: يكفيني الله.

قوله تعالى: {﴿ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ ﴾} [الزمر:38]: فقل حسبي الله مما سواه من الأشياء كلها...إليه أفرغ في أموري  دون كل شيء سواه, فإنه الكافي, وبيده الضر والنفع.

 قال الإمام البغوي رحمه الله:{﴿ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ ﴾ } [التوبة:59]  كافينا الله.

وقوله تعالى: {﴿ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ ﴾} [الزمر:38] ثقتي به واعتمادي عليه.

& قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: {﴿ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ ﴾ } [الزمر:38]: أي عليه توكلت أي اعتمدت.

& قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: {﴿ حَسۡبُيَ ٱللَّهُ ﴾} [التوبة:129] أي: الله كافي.

& قال الإمام الشوكاني رحمه الله: {﴿ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ ﴾} [الزمر:38] في جميع أموري, في جلب النفع, ودفع الضر.

& قال العلامة  محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه, أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:  «بينما امرأة ترضع ابنها إذ مرَّ بها راكب, وهي تُرضعه, فقال: اللهم لا تُمت ابني حتى يكون مثل هذا. فقال: اللهم لا تجعلني مثله. ثم رجع في الثدي, ومُرَّ بامرأة تُجرر, ويُلعب بها فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها. فقال: اللهم اجعلني مثلها. فقال: أما الراكب فإنه كافر, وأما المرأة فإنهم يقولون لها: تزني, وتقول حسبي الله! ويقولون: تسرق. وتقول: حسبي الله» 

قال رحمه الله: يستفاد من الحديث...تفويض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى في قول هذه المرأة: " حسبي الله", أي: كافي.  

& قال العلامة السعدي قوله تعالى: {﴿حَسۡبُيَ ٱللَّهُ﴾} [التوبة:129] أي: الله يكفيني جميع ما أهمني....وقوله تعالى: {﴿قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ﴾ } [الزمر:38] سيكفيني كل ما أهمني وما لا أهتم به

الحسبلة تُقال عند الشدائد والكروب:

& قال ابن عباس رضي الله عنهما: حسبنا الله ونعم الوكيل, قالها إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ألقي في النار, وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾} [آل عمران:173]

& قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: وإن غلبه أمر فليقل: " حسبنا الله ونعم الوكيل:

& قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: إبراهيم عليه الصلاة والسلام قالها حين ألقي في النار, وقالها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال الناس: { ﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ ﴾} [آل عمران:173] والآية الكريمة واضحة في أن هذه الكلمة لها شأن عظيم وأنها تقال عند الشدائد والكروب: " حسبنا الله ونعم الوكيل", ولهذا قال جل وعلا: {﴿ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ﴾} [التوبة:129] هاتان الكلمتان عظيمتان عند الشدة, وعند الكرب: {﴿ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ } [التوبة:129], {﴿ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾} [آل عمران:173]

فهاتان الآيتان كافيتان في عظم شأن هذه الكلمة.  

 

الحسبلة يقولها من يخاق أن يقع عليه ظلم, أو بلاء, أو عدوان:

& عن أم المؤمنين زينب وعائشة رضي الله عنهما, أنهما تفاخرتا, فقالت: زينب: زوجني الله وزوجكن أهاليكن, وقالت عائشة, نزلت براءتي من السماء في القرآن, فسلمت لها زينب, ثم قالت: كيف قلت حين ركبت راحلة صفوان بن المعطل ؟ قالت: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل, قال زينب: كلمة المؤمنين.

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: في الذكر عند لقاء العدو, ومن يخاف من سلطان وغيره...." حسبنا الله ونعم الوكيل"

& قال الإمام الشوكاني رحمه الله: وإن توقع بلاءً, أو أمرًا مهولًا قال: " حسبنا الله ونعم الوكيل, على الله توكلنا"

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: ينبغي لكل إنسان رأى من الناس جمعاً له, أو عدواناً عليه أن يقول: " حسبنا الله ونعم الوكيل" فإذا قال هكذا كفاه الله شرهم, كما كفى إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام, فاجعل هذه الكلمة دائماً على بالِك إذا رأيت من الناس عدواناً عليك.

الحسبلة يقولها من ظُلِم:

& قال العلامة ابن باز رحمه الله: حسبنا الله ونعم الوكيل، لا بأس به، هذا يقوله كل من ظلم، لا بأس به.

الحسبلة أمن من كيد الشيطان:

& قال الإمام القرطبي رحمه الله: من قال: " حسبنا الله ونعم الوكيل" أمِنَ من كيد الشيطان.

الحسبلة تقال لطلب المنافع, ولدفع المضار:

& قال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر: تقال هذه الكلمة المباركة في مقامين: مقام طلب المنافع, ومقام دفع المضار: فمن الأول: قول الله تبارك وتعالى: {﴿ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ ﴾} [التوبة:59] 

ومن الثاني قول الله تبارك وتعالى: {﴿ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ  *  فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ ﴾} [آل عمران:173_174]

وجُمِعَ الأمران في قوله عز وجل: {﴿ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ﴾} [الزمر:38] أي: قل حسبي الله لجلب النعماء, ولدفع الضرِّ والبلاء.

" حسبنا الله ونعم الوكيل" دعاء عبادة, وهو يتضمن دعاء المسألة:

& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: " حسبنا الله ونعم الوكيل"....هو دعاء, لكنه دعاء عبادة, لأن الدعاء على قسمين: دعاء عبادة, ودعاء مسألة, وهذا دعاء عبادة, وهو يتضمن دعاء المسألة.

الحذر أن تظلم أحدًا فيقول لك: " حسبي الله بيني وبينك":

& كان يزيد بن حكيم رحمه الله يقول: ما هبت أحدًا قط حياتي, هيبتي رجلًا ظلمته, وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله, يقول لي: " حسبي الله بيني وبينك"

                           كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ