ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض

منذ 14 ساعة

العناصر الأساسية:  العنصر الأول: سنة التدافع سنة إلهية ثابتة.  العنصر الثاني: قصة الملأ من بني إسرائيل.  العنصر الثالث: التدافع يكون بالسيف واللسان والموقف الشجاع


أيها الإخوة الكرام:  إن سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه سنن كثيرة ومتنوعة ... 
يختلف المكان ويتغير الأشخاص ويتبدل الزمان،  وسنة الله تعالى ثابتة لا تتغير ولاتتبدل قال الله تعالى: 
{{فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}}
من سنن الله الثابتة والتي لا تتغير ولا تتحول ولا تتبدل سنة ( التدافع) وقد نص القرآن الكريم على هذه السنة سنة ( التدافع في غير آية من الذكر الحكيم.. 
قال الله تعالى: 
{{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}}
وقال عز من قائل:  {{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}}

والسؤال يقول:  وما المقصود بسنة ( التدافع) ؟ 
سنة التدافع: هي سنة إلهية قديمة ، ثابتة في التاريخ ويصدقها الواقع، وهي من أعظم أسباب حفظ الأرض من الفساد.

سنة التدافع:  تعني المنازلة بين العدل وبين الظلم، سنة التدافع تعني المواجهة بين أهل الإيمان وبين أهل الطغيان.

{{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}}

يقصد بسنة التدافع : هذا الصراع الأزلي والأبدي بين أهل الحق وبين أهل الباطل.. 

{{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}}

سنة التدافع: الغرض منها صيانة الأرض،  والعرض،  والدين،  والمال،  والولد.. 

{{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ} }

يقول الطاهر ابن عاشور في تفسير هذه الآية :
“هذه الآية تعني أن من سنن الله أن يقع بين البشر صراع وتدافع، فيسخر الله بعضهم لدفع الظلم عن بعض، ليبقى للناس مجال لعبادة الله.”

فلولا أن الله يَدفَعُ أهل الباطل بوجود أهل الحق الذين يقاومونهم ويجاهدونهم، لفسدت الأرض وهدمت معابد الناس، سواءً كانت للنصارى (صوامع، بيع)، أو لليهود (صلوات)، أو للمسلمين (مساجد). وهذا فيه دلالة على حماية الدين عمومًا، وعلى (حرية الاعتقاد) والله تعالى بعد ذلك حسيب كل إنسان.. 

سنة التدافع لا تكون عدوانًا، لا تكون بغيا،  لا تكون ظلما للآخرين،  بل إنها دفع للشر ، بل هي إصلاح، ورد للظلم، كما في قوله تعالى: {﴿وَقَاتِلُوا فِي ‌سَبِيلِ ‌اللَّهِ ‌الَّذِينَ ‌يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾}

وهنا سؤال:  وما الغرض من سنة التدافع؟ 
الغرض من سنة التدافع: 
أولا: حفظ الدين.
ثانيا: تقليم أظافر الظالمين.
ثالثا:  بقاء التوازن في الأرض.
رابعا: تمحيص وتطهير قلوب المؤمنين.. 
خامسا : أن يختار الله من عباده المؤمنين شهداء.. 

{﴿وَقَاتِلُوهُمْ ‌حَتَّى ‌لَا ‌تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾  }

فئة من الناس جائرة: تفتن الضعفاء عن دينهم،  وتغصب ديارهم وأموالهم، وتقتل أبنائهم وبناتهم.. 

وفئة من الناس يأذن الله تعالى لهم أن يدفعوا عن بلادهم وعن دينهم وعن أنفسهم وأموالهم وأولادهم..

{﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا۟ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾}
لولا العمل بسنة التدافع لضاع الدين، وتعطلت الفرائض والسنن.  {﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا۟ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾}

لولا العمل بسنة التدافع لانتفش الباطل، وضاع الحق وفسدت الأخلاق وماتت القيم.. 

{﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا۟ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾} {﴿ ٱلَّذِينَ أُخْرِجُوا۟ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَٰتٌ وَمَسَٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسْمُ ٱللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ ﴾ }

من قصص القرآن الكريم الذي تحدث عن سنة التدافع: 
( قصة الملأ من بني إسرائيل) في سورة البقرة.  {{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}}

قصة الملأ من بني إسرائيل هي أكثر قصص القرآن إثارة وأوضح القصص التي كشفت طبيعة السلوك المتناقض المنحرف لبني إسرائيل..

وقعت قصة الملأ من بني إسرائيل بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام بنحو ألف سنة،  وتحديدا في بداية ظهور سيدنا داود عليه السلام.. 

أما الملأ من بني إسرائيل فهم رؤساء القوم وزعماؤهم 
حين تسلطت الجبابرة على بني إسرائيل فأخرجوهم من ديارهم،  وسلبوهم أموالهم، جاء الملأ من بني إسرائيل إلى نبي من أنبيائهم فسألوه أن يسأل الله تعالى فيبعث لهم ملكا يقاتلون في سبيل الله دفاعا عن ديارهم وأولادهم وأموالهم تحت رايته.. 

 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ} 

كان ذلك النبي منهم: ، منهم يعني يعرفهم، ويعرف طبائعهم، ويدرس أخلاقهم: {{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ}؟{ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} }

تولوا إلا قليلا منهم معناها أن أكثر الناس لم يستجيبوا لأمر الله تعالي فلم يستجب إلا القليل { { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} }

عندها سأل ذالكم النبي ربه أن يبعث إليهم ملكا يقاتل بنو إسرائيل تحت رايته، وإن السماء استجابت لدعوته {{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ } }

وبهذا كان على بني إسرائيل أن يقاتلوا في سبيل الله دفاعا عن الديار التي سلبت منهم وأخرجوا منها، كان على بني إسرائيل أن يجاهدوا حفاضا الأموال والأولاد {{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ } }

وهنا ظهرت النوايا الخبيثة من جديد ، وحضرت الأخلاق السيئة، تمردت بنو إسرائيل على أمر الله تعالى، وفتحوا بابا واسعا من الاعتراض، والمجادلة، والمراوغة، واختلاق الأعذار، وأخلفوا العهد الذي بينهم وبين الله تعالى، وهمت طائفة منهم أن يقعدوا عن القتال في سبيل الله عز وجل.. {{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ} }

وكان ذلك النبي مرنا حكيما فحدثهم عن مؤهلات الملك طالوت، وبين لهم أسباب اختيار الله تعالى له :{ فالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}

ثم حدثهم نبيهم أن الله تعالى جعل لبني إسرائيل أمارة تشهد بأن الله قد اختار طالوت ملكا يقاتلون تحت لواءه {{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}}

وهنا:  كان لابد من تمييز الخبيث من الطيب، كان لابد من غربلة الصفوف، فكان لابد من اختبار القوم.. 

{{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ}}  

وهنا ظهرت النوايا الخبيثة لبني إسرائيل من جديد : 
{{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ} }
قال الله تعالى ( فشربوا منه) إلا قليلا منهم، والمعنى أن الأكثرية عصت ربها ولم يبق مع طالوت من القليل إلا القليل.. 

وخرج من شرب من النهر وخالف أمر الله تعالى من صفوف المجاهدين في سبيل الله، غير مأسوف عليه..
 وبقيت قلة قليلة مع طالوت الملك لكنهم لم يبقوا معه طويلا إذ رسبوا في أول اختار.. 

{{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ..... فلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ} }
وبهذا لم يثبت مع طالوت الملك إلا أقل أقل القليل..

ثم كانت المواجهة بين الحق وبين الباطل،  وقد أن يلتقي الجمعان انهزمت صائفة أخرى.. حتى لم يبق مع طالوت إلا أقل أقل أقل أقل القليل.. 

{{ فلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} } {{ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ،  وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ} }

نصر الله القلة المؤمنة: 
لأنها أحسنت الظن بالله تعالى،  لأنها صدقت مع الله فصدقها الله عز وجل.. 
نصر الله القلة المؤمنة: 
لأنها نصرت الله تعالى في نفسها فنصرها الله سبحانه وتعالى.. 
نصر الله القلة المؤمنة: 
لأنها كانت قوية، ودائما أقول لا يكفي أن تكون مؤمنا،  ولا يكفي أن تكون صاحب حق حتى ينصرك الله عز وجل فلابد مع الإيمان والحق من قوة تحميه.. 

ولذلك قال الله لخير القرون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة} 

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينصر الإسلام وأن يعز المسلمين إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.. 

الخطبة الثانية 
بقي لنا في ختام الحديث عن سنة ( التدافع) والتي شرعها الله تعالى صيانة للدين وحفظا للعباد والبلاد.. 
بقي لنا أن نقول: إن دفع الله الناس بعضهم ببعض لا يكون بالسيف فقط،  فقد يكون الدفع بكلمة حق نقولها من غير أن تأخذنا في الله لومة لآئم.. 
وقد يكون الدفع بالمواقف الشجاعة،  وبالفكر المستقيم،  وبالسياسة الحكيمة.. 
غاية التدافع والذي هو من سنة الله تعالى في خلقه إحقاق الحق وإزهاق الباطل.. 
ولذلك كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صورة من صور التدافع بين الإنسان وبين أخيه الإنسان قال النبي عليه الصلاة والسلام « من رأى منكم ‌منكرا ‌فليغيره ‌بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»

هذا الحياة التي نحياها حالها كحال سفينة في البحر،  حين تسلم السفينة من الخرق والفساد والعطب تسلم السفينة ونسلم جميعا، وحين تتفسخ السفينة وتتفكك أوصالها وتفسد تغرق السفينة ونغرق ونهلك معها جميعا.. 

العمل بسنة التدافع، عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكفل السعادة والسلامة للجميع.. 

قال الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلّم  «مثل ‌القائم ‌على ‌حدود ‌الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعا»

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم رب العرش الكريم أن ينصر الإسلام وأن يعز المسلمين إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير. 
------------------------------------------------------------------------------
جمع وترتيب : الشيخ / محمد سيد حسين عبد الواحد.
إمام وخطيب ومدرس أول .
إدارة أوقاف القناطر الخيرية.
مديرية أوقاف القليوبية . مصر

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.