حكم العمل في جمع الضرائب

منذ 2006-12-01
السؤال: هل يجوز العمل في إدارة الضرائب؟
الإجابة: إن الضرائب في أصلها إنما هي محل ضرورة، فلا يجوز أخذ شيء من مال المسلم إلا برضا نفسه وطواعيته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا"، وقال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيبة نفس منه"، وعندما حصل الغلاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس في السنن قال: غلا السعر بالمدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأتيناه فقلنا يا رسول الله: سعِّر لنا، فقال: "إن الله هو المسعر الخالق الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله غداً وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في نفس أو مال"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا النوع مظلمة في المال.

وعلى هذا فلم تعرف الأمة الإسلامية الضرائب إلا في سنة ثلاثمائة وعشر من الهجرة، في أواخر أيام المتقي العباسي، فأنكر الناس ذلك إنكاراً شديداً، وقد قال أحد الشعراء:

على كل أسواق العراق ضريبة
وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم


وأنكر العلماء ذلك، وقد ذكر العز بن عبد السلام والقرافي رحمهما الله أن من قال بإباحة الضرائب فهو مرتد عن الإسلام، لأن تحريم مال المسلم من غير طيبِ نفسٍ منه من المعلوم من الدين بالضرورة.

من المعلوم من الدين بالضرورة أن مال المسلم حرام إلا برضاه، والضرائب أخذ مال من المسلم من غير رضاه.

وينبغي أن تقصر على الضرورة إذا كان المسلمون محتاجين إلى غزو أو إلى أمر عام كالقنطرة والمدارس والمساجد ونحو ذلك من الأمور العامة كالمستشفيات والطرق ونحو ذلك ولم يجدوا مالاً من خيرات الأرض ولا من المال العام المشترك، واحتيج إلى مثل هذا النوع فينبغي أن يسأل الناس حتى يتبرعوا طواعية، فإذا كفى ما تبرعوا به طواعية لم يجز أخذ شيء منهم، وإذا لم يكفِ فلا بد أن يدرس العجز حتى يحدد بالضبط ثم يوزع حينئذ على الأغنياء بحسب غناهم، وذلك محتاج لكثير من الدراسة التي لم تقم، فالآن لا يعرف العجز في المطلوب لدى المسلمين من الأمور العامة، وأكثر ما يدخل لبيت المال العام من المال هو عرضة للنهب والسرقة وأنتم تشهدون ما يحصل في ذلك.

فمثل هذا النوع لا يبيح العمل في الضرائب، ولهذا لا يحل العمل فيها ما دام وضعها على حالها الآن، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الزاني المحصن: "لقد تاب توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له"، وصاحب المكس هو الذي يأخذ الضرائب على الناس، قال: "لقد تاب توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له"، فدل هذا على أن أخذ المكوس والضرائب أكبر من الزنا، من زنا المحصن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.