الكلام على شرح ابن أبي العز للعقيدة الطحاوية

منذ 2006-12-10
السؤال: ما صحة كتاب ابن أبي العز في شرحه على عقيدة الطحاوي، وهل فيه أخطاء وما هي إذا كانت موجودة؟
الإجابة: إن البويطي ذكر عن الشافعي رحمه الله قال: لما أكمل الشافعي كتابه ناولنيه فقال: "خذ هذا الكتاب على خطأ كثير فيه"، قال: قلت يا أبا عبد الله أصلحه لنا، قال: "كيف وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} أبى الله العصمة إلا لكتابه"، فمن لا ينتفع بكتاب فيه خطأ فعليه أن يلزم القرآن وحده وأن يرد كل ما سواه من الكتب، القرآن وحده هو الذي لا خطأ فيه، أما ما سواه من الكتب فلا بد أن تبقى فيها الأخطاء، وذلك من عصمة الله للقرآن وحفظه.

وعموماً فهذا الكتاب الذي اشتهر بشرح ابن أبي العز على عقيدة الطحاوي هو شرح وجد لهذه العقيدة، ولم يذكر مؤلفه ولم يسمِّ لكن عرف في ترجمة ابن أبي العز الحنفي أنه من شراح هذه العقيدة، وشراحها كثر ومؤلفها قديمٌ عاصر أصحاب الكتب الستة وعاش في حياة الإمام أحمد، وهو تلميذ للمزني وابن أخته -المزني صاحب الشافعي ووارثه في العلم-، والطحاوي هو أحمد بن جعفر بن سلامة الطحاوي تلميذ المزني وابن أخته، وقد كان في بداية شبابه شافعياً ثم انتقل إلى المذهب الحنفي، وسبب ذلك أنه أراد خاله أن يعلمه مختصره في الفقه وهو المختصر الذي اختصر به الأم للشافعي فتشاغل عنه في مصر، فقال: والله لا يطلع منك خير، أي لا تأتي بخير، وقسمه إنما هو مبني على بساط يمينه وهو ما عرف من عدم جد هذا الطالب في الطلب، فغضب الطالب من هذه الكلمة فخرج في طلب العلم حتى بَرَّزَ فيه، فلما ألف كتابه المختصر في فقه الحنفية قال: رحم الله خالي لو رأى كتابي هذا لكفر عن يمينه.

وعموماً فإن الإمام الطحاوي رحمه الله من الذين نفع الله بعلمهم فيما بعد، وكتبه نافعة كثيرة منها مشكل الآثار الذي هو من أجل الأسفار في هذا الباب، ومنها شرح معاني الآثار وهو من مراجع الحديث المعتمدة، ومنها مختصره في المذهب الحنفي، ومنها عقيدته المشهورة بالطحاوية وغير ذلك من كتبه المعروفة، وهذا الشرح هو مثل غيره من الشروح تضمّن علماً جماً وخيراً كثيراً، وفيه كثير من الأحاديث الصحيحة والآثار الصحيحة عن السلف، وفيه شرح وبيان لما ذكره الطحاوي رحمه الله مختصراً من عقيدة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني في عقيدته، فهو من الكتب التي ينتفع بها طلاب العلم.

ولا بد أن يعلموا أن كل كتاب فيه الخطأ والصواب، فلو اطلع الإنسان على خطأ فيه فليس له أن يُشهِّر به وأن يجعل من الحبة قبة، فهذا ليس من هدي طلاب العلم ولا هو من سلوك أهل العلم، بل قد قال ابن القيم رحمه الله: "زلات العلماء أقذار وهم بحار، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.