الجلوس مع أصحابه أثناء استماعهم للموسيقى لدعوتهم

منذ 2006-12-27
السؤال: هل يجوز لمن يريد أن يؤثر في أصدقائه أن يجلس معهم أثناء استماعهم للموسيقى مع أنه هو لا يحبها؟
الإجابة: إن عليه أن يجلس معهم في أوقاتٍ لا يعصون الله فيها، فقد قال الله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً}، وقال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في ءاياتا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين * وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون}.

وقد اختلف أهل التفسير في معنى قوله: {من بعد الذكرى}، فقالت طائفة منهم: المقصود أن تجلس معهم حتى تذكرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بعد ذلك لا تجلس بعد الذكرى بعد إقامة الحجة.

وقالت طائفة منهم: المقصود بالذكرى هي ما أنزل من القرآن، أي بعد نزول هذا الوحي.

والقول الأول من أخذ به يمكن أن يجلس لينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف، فإذا أدى الحق الذي عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلم يُستجب له قام وانصرف، وقد ذكر العز بن عبد السلام رحمه الله في قواعده أن السنن والمندوبات لا تسقط من أجل ما يظهر للإنسان من المحرمات التي لا يستطيع تغييرها، ومثلها الأمور التي يحتاج إليها الإنسان، كحاجته إلى قصد السوق مع أنه سيرى التبرج في السوق والاختلاط مثلاً، فهذا لا يمنعه من دخول السوق لأنه محتاج إلى شراء حوائجه ومخالطة الناس، ومثل ذلك دخوله للمقابر زيارته للمقابر وفيها الزيارة غير الشرعية وفيها المشاهد والقبور المرفوعة التي أمر النبي صلى الله عليه سلم بتسويتها وهو لا يستطيع تسويتها ولا يستطيع تغيير تلك المناكر التي هي من جنس الشرك، فيحضر بجسمه ناوي الهجران بقلبه، فإن نهى وغيَّر فله أجران، وإن لم يستطع فله أجر على أنه قصد المأذون فيه شرعاً وفعله ولم يشارك في غيره، ومثل ذلك أيضاً دخول المساجد التي فيها بدع، وربما يكون أئمتها من المبتدعة، قال: لا تهجر المساجد من أجل ما يحصل فيها من البدع، فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام وفيه ثلاثمائة وستون صنماً.

وهذه القاعدة نظمها الشيخ محمد عال رحمه الله جدي بقوله:
لا يُترك الحــق لأجل بــــاطلِ *** مـن فــــاسـق في دينه مماطـلِ
فأتِ المســاجد وزُر لا تـــــدعِ *** لما ترى في ذي وذي من بـدعِ
فاحضر بشخصٍ ناوي الهجرانِ *** فإن نهيت فلـــــــــك الأجــــرانِ
فالحـــــــق للباطل ليس يُتــــرك *** وإن أردت مدركاً فالمـــــــــدرك
لـــــــذا دخول سيد الأنـــــــــــام *** للبيت مـع ما ثمَّ من أصنــــــــامِ
وعز لعز الدين إن لـــــــم تكتفـي *** بذاك والمعـطى كفافـــا يكتـــفي
المبتدع قسمان قسم بدعته مكفرة *** وهذا لا تجوز الصلاة خلفه
وقسم بدعته غير مكفرة *** وهذا تجوز الصلاة خلفه
فالبدعة ليست درجة واحدة *** ولا أهلها على السواء


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.