المكان الذي سنُحاسب فيه

منذ 2007-01-18
السؤال: تابعتُ لفضيلتكم الحلقة التي استضافتكم من خلالها قناة الجزيرة، والتي كان من خلالها سؤال لأحد الإخوة عن "المكان الذي سنُحاسب فيه وعن الجنّة، وهل يوم تقوم السّاعة سنصعد نحنُ بنو آدم إلى السماء عند رب العاليمن وفيها سيكون الحساب وكلّ شيء؟ أم سيهبط الله بعرشه العظيم وملائكته وجنانه جنان النعيم إلى الأرض وفيها سيتم الحساب ويُؤتى كلّ ذي حقٍ حقه".
فلم يلقَ هذا السؤال أيّ توضيح أو تفصيل مع أنّ الكثيرين يسألون عن هذا الأمـر الإلهي.
ومن هنا أعاودُ الإستفسار، وأنتم من أهل العلم الأخيار أدرى بما يجب التطرق إليه في مثل هذه المسائل الإلهية وفيما لا يجب التعدي عليه فيبقى علمه عند الله.
الإجابة: قال الله تعالى: {يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً}، ووردت آثارٌ بل آياتٌ تدل على نزول الله تعالى إلى فصل القضاء: {وانشقت السماء فهي يومئذ واهية} إلى: {لا تخفى منكم خافية}، وقال: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام...} الآية، {وجاء ربك والملك صفاً صفاً}.

وهذا والله أعلم يكون بعد تبدل الأرض غير الأرض المذكور في نحو قول الله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} الآية، وقد أخبرنا ربنا سبحانه بأنه سوف يجاءُ بجهنم: {وجئ يومئذ بجهنم} لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها.

وأما من أين فقد وردت آثار بأنها في الأرض السفلى في سجين، خلاف الجنة فقد جاءت الآيات والآثار تفيد أنها في العلو في السماء كما قال الله تعالى: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}، وقال سبحانه: {عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى}.

أما كيفية الانتقال من الأرض إلى الجنة في السماء فلم يثبت فيها نص فيما أعلم، فلا يجوز الخوض فيها بغير دليل، وبالجملة جاء الخبر بنصب الصراط على ظهراني جهنم فمسلم ناجي ومكدوس في النار والعياذ بالله.

ثم اعلم أخي الكريم بأن المهم الذي يجب على الجميع معرفته هو أنا ملاقوا الله، وأن يوم الحساب آتٍ، فما أعددنا له؟ فهذا ما سوف نسأل عنه، ولن يسألنا ربنا أين سيكون الحساب؟! وهل ستنزل الجنة؟!.. إلخ بل سوف نرى كثيراً من ذلك عياناً والمهم الاستعداد ليوم الحساب وإعداد الجواب والله المستعان.

وأقول لك كما قال الإمام مالك -وقيل شيخه ربيعة-: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" فكذلك هنا، الإيمان بنزول الله واجب، أما الكيف فليس لنا، فلا تشغل نفسك بشيء لن تُسأل عنه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من أسئلة لقاء ركن الأخوات بفضيلة الشيخ.

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا