ما معنى الهجرة ومتى تجب على المسلم؟

منذ 2007-01-23
السؤال: ما معنى الهجرة ومتى تجب على المسلم؟
الإجابة: إن الهجرة تنقسم إلى أربعة أقسام:

* القسم الأول: هجرة الإنسان لما حرم الله عليه، معناه أن يهجر الإنسان ما حرم الله عليه، وهذه الهجرة فرض عين على كل مسلم، وقد صح في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"، فالمهاجر هو من هجر ما نهى الله عنه هذه الهجرة هي القسم الأول وهي واجبة على كل أحد.

* القسم الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، كالهجرة من مكة إلى المدينة، وهذه الهجرة كانت واجبة عند بداية إقامة دولة الإسلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره الله بالهجرة إلى المدينة فهاجر إليه المسلمون ليقيموا معه دولة الإسلام ويشاركوا معه في الجهاد في سبيل الله، فلما فتحت مكة أصبحت دار إسلام فقال: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا"، وهذا العهد الذي أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم لابد من مدارستنا له ومراجعتنا له في أنفسنا، فإنه قال: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد" هذا العهد الذي بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ علينا العهد بالجهاد، "ونية" أي نية الجهاد في حال العجز أو في حال عدم إقامة الجهاد، أن ننوي الجهاد في سبيل الله "وإذا استنفرتم فانفروا" هذا الأمر الثالث الذي أخذ به الرسول العهد علينا صلى الله عليه وسلم إذا طلب منا النفير لإعلاء كلمة الله أن ننفر، فإذن هذه ثلاثة أمور جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة من مكة، وعندما أسلم أهل مكة أرادوا أن يهاجروا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مضت الهجرة لأهلها" أي الهجرة المفضلة التي بيَّن الله منزلة أهلها في قوله: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً}، وقال فيهم: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}، تلك الهجرة مضت لأهلها فإنما هي ما كان قبل الفتح، أما بعد الفتح فلا هجرة من تلك الدار المفتوحة لأنها دار إسلام، وهذه الهجرة باقية في حق كل من أسلم في دار الحرب أن يهاجر إلى دار الإسلام إن وجد إلى ذلك سبيلاً.

* القسم الثالث من أنواع الهجرة: الهجرة من مكان ظهرت فيه الذنوب، ولم يظهر فيه إنكار لها، فكل مكان غلبت عليه السيئات ولم يستطع الإنسان إنكارها ولم يجد من يعينه على إنكارها فإنه تجب عليه الهجرة عن ذلك المكان، ومحل هذا إن لم يجد من يساعده على إنكار المنكر، فإن وجد من يساعده لم تجب عليه الهجرة، فإنما الهجرة عندما يظهر الفساد والمنكر، ولا يجد الإنسان أعواناً كما قال التتائي رحمه الله: "إذا شاع في أرض فساد ومنكر وليس بها ناهٍ مطاعٌ وآمرٌ فهذا الحال حينئذ تجب على الإنسان الهجرة من تلك الأرض".

* القسم الرابع: هو هجرة الإنسان لصاحب المعصية في وقت عصيانه، فإن الله تعالى يقول: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}، وقال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}.

هذه إذا الأقسام الأربعة هي الهجرة الواجبة.

بقيت الهجرة الجائزة، وهي القسم الخامس: وهي في حق من ظلم، فإن من ظلمه ظالم من الذين يخالطهم من الناس يحق له أن يهجره ثلاث كمن ظلمه أخٌ له وكان ذلك الظلم مما لا يستطيع رفعه، فله الحق أن يهجره ثلاث، وقد أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، أما ما سوى ذلك من الهجرة فلا خير فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.