هل يعذر الإنسان بالجهل فيما يتعلق بالتوحيد؟

منذ 2007-02-04
السؤال: هل يعذر الإنسان بالجهل فيما يتعلق بالتوحيد؟
الإجابة: العذر بالجهل ثابتٌ في كل ما يدين به العبد ربه، لأن الله سبحانه وتعالى قال: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} حتى قال عز وجل: {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}، ولقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}، ولقوله تعالى: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي واحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار"، والنصوص في هذا كثيرة.

فمن كان جاهلاً فإنه لا يؤاخذ بجهله في أي شيء كان من أمور الدين، ولكن يجب أن نعلم أن من الجهلة من يكون عنده نوع من العناد، أي إنه يُذكر له الحق ولكنه لا يبحث عنه، ولا يتبعه، بل يكون على ما كان عليه أشياخه، ومن يعظمهم ويتبعهم، وهذا في الحقيقة ليس بمعذور، لأنه قد بلغه من الحجة ما أدنى أحواله أن يكون شبهة يحتاج أن يبحث ليتبين له الحق، وهذا الذي يعظم من يعظم من متبوعيه شأنه شأن من قال الله عنهم: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون}، وفي الآية الثانية: {وإنا على آثارهم مقتدون}، فالمهم أن الجهل الذي يعذر به الإنسان بحيث لا يعلم عن الحق، ولا يُذكر له، هو رافع للإثم، والحكم على صاحبه بما يقتضيه عمله، ثم إن كان ينتسب إلى المسلمين، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإنه يعتبر منهم، وإن كان لا ينتسب إلى المسلمين فإن حكمه حكم أهل الدين، الذي ينتسب إليه في الدنيا، وأما في الآخرة فإن شأنه شأن أهل الفترة يكون أمره إلى الله عز وجل يوم القيامة، وأصح الأقوال فيهم أنهم يُمتحنون بما شاء الله، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى منهم دخل النار، ولكن ليعلم أننا اليوم في عصر لا يكاد مكان في الأرض إلا وقد بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، بواسطة وسائل الإعلام المتنوعة، واختلاط الناس بعضهم ببعض، وغالباً ما يكون الكفر عن عناد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب الكفر والتكفير.

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية