بم يكون الكفر الأكبر أو الردة؟

منذ 2007-02-07
السؤال: بم يكون الكفر الأكبر أو الردة؟ هل هو خاص بالاعتقاد والجحود والتكذيب أم هو أعم من ذلك؟
الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله، نبينا وإمامنا وقائدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الكفر والردة والعياذ بالله تكون بأمورٍ عدّة:

- فتكون بجحود الأمر المعلوم من الدين بالضرورة.
- وتكون بفعل الكفر.
- وبقول الكفر.
- وبالترك والإعراض عن دين الله.

فيكون الكفر بالاعتقاد: كما لو اعتقد لله صاحبةًً أو ولداً، أو اعتقد أن الله له شريك في الملك، أو أن الله معه مدبرٌ في هذا الكون، أو اعتقد أن أحداً يشارك الله في أسمائه أو صفاته أو أفعاله، أو اعتقد أن أحداً يستحق العبادة غير الله، أو اعتقد أن لله شريكاً في الربوبية فإنه يكفر بهذا الاعتقاد كفراً أكبر مخرجاً من الملة.

ويكون الكفر بالفعل: كما لو سجد للصنم أو فعل السحر، أو فعل أي نوع من أنواع الشرك، كأن دعا غير الله أو ذبح لغير الله أو نذر لغير الله، أو طاف بغير بيت الله تقرباً لذلك الغير، فالكفر يكون بالفعل كما يكون بالقول.

ويكون الكفر بالقول كما لو سبّ الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو سب دين الإسلام، أو استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله صلى الله عليه وسلم أو بدينه، قال الله تعالى في جماعة في غزوة تبوك استهزؤوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُم}، فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان، فدل على أن الكفر يكون بالفعل كما يكون بالاعتقاد، ويكون بالقول أيضاً كما سبق في الآية فإن هؤلاء كفروا بالقول.

ويكون الكفر بالجحود والاعتقاد وهما شيء واحد، وقد يكون بينهما فرق، فالجحود كأن يجحد أمراًَ معلوماً من الدين بالضرورة: كأن يجحد ربوبية الله، أو يجحد ألوهية الله، أو استحقاقه للعبادة، أو يجحد ملكاً من الملائكة، أو يجحد رسولاً من الرسل، أو كتاباً من الكتب المنزلة، أو يجحد البعث أو الجنة أو النار، أو الجزاء أو الحساب، أو ينكر وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب الحج أو وجوب الصوم، أو يجحد وجوب بر الوالدين أو وجوب صلة الرحم أو غير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة وجوبه، أو يجحد تحريم الزنا أو تحريم الربا، أو تحريم شرب الخمر أو تحريم عقوق الوالدين أو تحريم قطيعة الرحم، أو تحريم الرشوة أو غير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة تحريمه.

ويكون الكفر بالإعراض عن دين الله والترك والرفض لدين الله، كأن يرفض دين الله بأن يعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله، فيكفر بهذا الإعراض والترك، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}، وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.

فالكفر يكون بالاعتقاد، ويكون بالجحود، ويكون بالفعل، ويكون بالقول، ويكون بالإعراض والترك والرفض.

ومن أُكره على التكلم بكلمة الكفر أو على فعل الكفر فإنه يكون معذوراً إذا كان الإكراه مُلجئاً، كأن يُكرهه إنسان قادر على إيقاع القتل به فيهدده بالقتل وهو قادر، أو يضع السيف على رقبته فإنه يكون معذوراً في هذه الحالة إذا فعل الكفر أو تكلم بكلمة الكفر، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، أما إذا اطمئن قلبه بالكفر فإنه يكفر حتى مع الإكراه نسأل الله السلامة والعافية.

فالذي يفعل الكفر له خمس حالات:

1 - إذا فعل الكفر جاداً فهذا يكفر.
2 - إذا فعل الكفر هازلاً فهذا يكفر.
3 - إذا فعل الكفر خائفاً فهذا يكفر.
4 - إذا فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالكفر فهذا يكفر.
5 - إذا فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالإيمان فهذا لا يكفر، لقول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع رسالة الإسلام على شبكة الإنترنت.

عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

أستاذ قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود