صلى التروايح مع الإمام الأول فقط ثم انصرف

منذ 2007-11-06
السؤال: مَن صلى مع الإمام الأول صلاة التراويح ثم انصرف، وقال: لي قيام ليلة بنص الحديث: "مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، فإنني بدأت مع الإمام وانصرفت معه؟
الإجابة: أما قوله: "مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، فهذا صحيح ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حين طلب منه الصحابة أن ينفلهم بقية الليل، وقد قطع الصلاة لنصف الليل فقالوا يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا، فقال: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة".

ولكن هل الإمامان في مسجد واحد يعتبر كل واحد منهم مستقلاً، أو أن كل واحد منهما نائب عن الثاني؟ الذي يظهر الاحتمال الثاني (أن كل واحد منهما نائب عن الثاني مكمل له)، وعلى هذا فإن كان المسجد يصلي فيه إمامان فإن هذين الإمامين يعتبران بمنزلة إمام واحد، فيبقى الإنسان حتى ينصرف الإمام الثاني، لأننا نعلم أن الثانية مكملة لصلاة الأول.

وعلى هذا فالذي أنصح به إخواني أن يتابعوا الأئمة هنا في الحرم حتى ينصرفوا نهائياً، وإن كان بعض الإخوة ينصرف إذا صلى إحدى عشرة ركعة، ويقول: إن هذا هو العدد الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ونحن معه في أن العدد الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم واقتصر عليه هو الأفضل، ولا أحد يشك في هذا، ولكني أرى أنه لا مانع من الزيادة، لا على أساس الرغبة عن العدد الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن على أساس أن هذا من الخير الذي وسع فيه الشرع، حيث سئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: "مثنى مثنى، فـإذا خشيء أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى".

وإذا كان هذا الأمر مما يسوغ فيه الزيادة فإن الأولى بالإنسان أن لا يخرج عن الجماعة بل يتابع، فالصحابة رضي الله عنهم لما أتم عثمان رضي الله عنه الصلاة في منى، استرجع بعضهم لما بلغه ذلك، ومع هذا كانوا يصلون خلفه أربعاً فيزيدون ركعتين في صلاة لا تتجاوز الركعتين من أجل موافقة الجماعة، وائتلاف الكلمة، وعدم التفرق، والموافقة شأنها عظيم جداً، لا يذهب أحدكم مذهباً ينفرد به عن الجماعة، ويحزب الأمة ويقول: أنت معي أو مع فلان، فهذا خطأ.

وعلى هذا فمادام الأمر سائغاً وليس فيه محظور شرعي، فإن موافقة الجماعة لا يظهر فيها ضغائن ولا أحقاد، فمادام الأمر واسعاً، والسلف الصالح روي عنهم في ذلك أولان متعددة كما قال الإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيميه رحمهما الله فليسعنا ما وسع السلف، وقد سبقنا من السلف من سبقنا فلا ينبغي أن نشذ، وأنا أكرر الدعاء إلى الائتلاف، وعدم الاختلاف فيما يسوغ فيه الاجتهاد.

ولكن الإشكال الوارد وهو حقيقة إشكال إن كان هناك وتران في ليلة واحدة، فماذا يصنع المأموم؟ نقول: إذا كنت تريد أن تصلي مع الإمام الثاني التهجد، فإذا أوتر الإمام الأول، فأت بركعة لتكون مثنى مثنى، وإذا كنت لا تريد التهجد آخر الليل، فأوتر مع الإمام الأول، ثم إن قدر لك بعد ذلك أن تتهجد فاشفع الوتر مع الإمام الثاني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الرابع عشر - باب صلاة التطوع.

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية