توبة من عنده أموال مسروقة
منذ 2008-05-04
السؤال: رجل كان يسرق أموال الناس ويغصب حقوق الآخرين، وقد فتح الله عليه
وتاب، ولكنه لا يعرف الأشخاص الذين سرق أموالهم، ولا يعلم عدد سرقاته،
ولا مقدار الأموال المغصوبة، فكيف يرد الحقوق لأصحابها حتى تقبل
توبته؟
الإجابة: ما دام قد فتح الله عليه وتاب فباب التوبة مفتوح، والمخرج من ذلك يسير
على من يسره الله عليه، وعليه أن يعمل ما يأتي:
▪ أولاً: عليه أن يسعى جهده؛ لإيصال المال إلى أصحابه، وإن كانوا متفرقين؛ فعليه أن يتتبعهم حيث كانوا، ويحرص على إيصال كل مال إلى صاحبه أو وكيله، فإن كان صاحبه قد مات فيوصله إلى ورثته.
▪ ثانيًا: إذا فعل السبب، وأَيِس من وجودهم بأنفسهم ومن وجود ورثتهم؛ فيكون حكمهم حكم المعدوم؛ لأن المجهول والمتعذر علمه كالمعدوم شرعًا، وحينئذ فهو مخير بين أمرين:
- الأمر الأول: أن يدفع المال المذكور إلى ولي الأمر؛ لأنه ولي من لا ولي له، وإليه حفظ أموال الغائبين والأموال المجهولة أربابها ونحو ذلك، وإذا دفعه لولي الأمر برئ من عهدته، حتى ولو جاء صاحبه بعد تسليمه لولي الأمر لم يلزم الدافع شيء؛ لأن هذا نهاية ما يقدر عليه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
- الأمر الثاني: أن يتصدق بالمال عن صاحبه، ويصرفه في مصالح المسلمين، فيعطي منه أهل الزكاة، ويعين فيه على الحج وفي أبواب البر التي يحبها الله ورسوله، ويكون تصرفه هذا مضمونًا؛ بمعنى: أنه لو جاء صاحبه بعد ذلك فهو مخير إن أجاز تصرفه وتصدقه به فالثواب له، وإن لم يُجِز فعلى هذا المتصدق أن يدفع مقدار المال إلى صاحبه، ويكون ثواب الصدقة السابقة له؛ أي: للمتصدق؛ لأن صاحبه قد قبض منه حقه كاملاً، وهذا هو المأثور في مثل ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
- ثالثًا: إن كان هذا الرجل يعلم مقدار ما أخذه من المال وقد خلطه بأمواله، فإنه يقسم أمواله على قدر الحلال والحرام، ويعرف مقدار الحرام، ويفعل به كما تقدم، فإن جهِل الحلال، ولم يعلم مقدار الحرام من الحلال، فيجعل أمواله نصفين، ويأخذ لنفسه نصفًا، ويعمل بالنصف الثاني كما تقدم، فإن كان قد حصَل من هذا المال أرباحه، فأصح الأقوال: أن الأرباح يشترك فيها المتسبب ومالك الأصل؛ لأنها نماء حصل بعمل هذا ومال ذلك، فأشبهت المضاربة، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها الشيخ تقي الدين. قال ابن القيم: هو أصح الأقوال، وهو الأقرب إلى العدل بينهما.
وقال ابن القيم في أصل المسألة: توبة مَن اختلط ماله الحلال بالحرام، وتعذر عليه تمييزه أن يتصدق بقدر الحرام، وبذلك يطيب ماله. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
▪ أولاً: عليه أن يسعى جهده؛ لإيصال المال إلى أصحابه، وإن كانوا متفرقين؛ فعليه أن يتتبعهم حيث كانوا، ويحرص على إيصال كل مال إلى صاحبه أو وكيله، فإن كان صاحبه قد مات فيوصله إلى ورثته.
▪ ثانيًا: إذا فعل السبب، وأَيِس من وجودهم بأنفسهم ومن وجود ورثتهم؛ فيكون حكمهم حكم المعدوم؛ لأن المجهول والمتعذر علمه كالمعدوم شرعًا، وحينئذ فهو مخير بين أمرين:
- الأمر الأول: أن يدفع المال المذكور إلى ولي الأمر؛ لأنه ولي من لا ولي له، وإليه حفظ أموال الغائبين والأموال المجهولة أربابها ونحو ذلك، وإذا دفعه لولي الأمر برئ من عهدته، حتى ولو جاء صاحبه بعد تسليمه لولي الأمر لم يلزم الدافع شيء؛ لأن هذا نهاية ما يقدر عليه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
- الأمر الثاني: أن يتصدق بالمال عن صاحبه، ويصرفه في مصالح المسلمين، فيعطي منه أهل الزكاة، ويعين فيه على الحج وفي أبواب البر التي يحبها الله ورسوله، ويكون تصرفه هذا مضمونًا؛ بمعنى: أنه لو جاء صاحبه بعد ذلك فهو مخير إن أجاز تصرفه وتصدقه به فالثواب له، وإن لم يُجِز فعلى هذا المتصدق أن يدفع مقدار المال إلى صاحبه، ويكون ثواب الصدقة السابقة له؛ أي: للمتصدق؛ لأن صاحبه قد قبض منه حقه كاملاً، وهذا هو المأثور في مثل ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
- ثالثًا: إن كان هذا الرجل يعلم مقدار ما أخذه من المال وقد خلطه بأمواله، فإنه يقسم أمواله على قدر الحلال والحرام، ويعرف مقدار الحرام، ويفعل به كما تقدم، فإن جهِل الحلال، ولم يعلم مقدار الحرام من الحلال، فيجعل أمواله نصفين، ويأخذ لنفسه نصفًا، ويعمل بالنصف الثاني كما تقدم، فإن كان قد حصَل من هذا المال أرباحه، فأصح الأقوال: أن الأرباح يشترك فيها المتسبب ومالك الأصل؛ لأنها نماء حصل بعمل هذا ومال ذلك، فأشبهت المضاربة، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها الشيخ تقي الدين. قال ابن القيم: هو أصح الأقوال، وهو الأقرب إلى العدل بينهما.
وقال ابن القيم في أصل المسألة: توبة مَن اختلط ماله الحلال بالحرام، وتعذر عليه تمييزه أن يتصدق بقدر الحرام، وبذلك يطيب ماله. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف: