طريقة الاستبراء من البول

منذ 2008-05-28
السؤال: بعد التبوُّل ألبس (التُّبَّان) مباشرة دون المسح، غير أنني لا أصلي بهذا (التُّبَّان) وإنما خصصته لهذا الغرض، وعند دخول وقت الصلاة أقوم بالاستنجاء بالماء الدافئ؛ حيث أضع الإبهام فوق القضيب والسبابة تحته وأعصره جيداً وأغسله وأغسل حتى الخصيتين، ثم أجفف ذكري وألبس تُبَّاناً آخر نظيفة، فهل ما أقوم به يدخلني مع المعذبين في القبر بسبب عدم الاستبراء من البول، وهل غسل الخصيتين فيه ضرر لهما، وهل عصر القضيب بهذه الطريقة فيه ضرر ما، وكنت في الماضي أستنجي بالماء البارد، هل في ذلك ضرر للجهاز الذكري، وما العمل الآن لمعالجة هذا البرد القديم؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن أهل العلم متفقون على وجوب إنقاء المحل من النجاسة، حتى تزول بالكلية، وهو المقصود من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين؛ فقال: "إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة".

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): "(لا يستتر)، كذا في أكثر الروايات، وفي رواية ابن عساكر (يستبرئ)، ولمسلم وأبي داود في حديث الأعمش (يستنزه)، فعلى رواية الأكثر معنى الاستتار أنه لا يجعل بينه وبين بوله سُترَة؛ يعني لا يتحفظ منه، فتوافق رواية لا يستَنْزِه؛ لأنها من التَّنَزُّه وهو الإبعاد، وقد وقع عند أبي نعيم في المستخرج من طريق وكيع عن الأعمش "كان لا يتَوَقَّى"، وهي مُفسِّرة للمراد"، وقال النووي: "ومعناها: لا يتجنبه".

فالظاهر -والعلم عند الله- عدم دخولك في هذا الوعيد؛ لأن التُّبَّان الذي أعددته لهذا الغرض يقوم مقام الخِرقة التي يُسْتَنْجَى بها أو الحِفاظ، ومذهب أكثر أهل العلم هو جواز استعمال الورق والقماش وغيرها -مما ليس له حرمة- في الاستنجاء.

أما ما تقوم به من عصر الفرج على الصورة المذكورة في السؤال، فهو ما يسمى عند أهل العلم بالاستبراء، وهو فرض عند الحنفية والمالكية وبعض الشافعية، كالقاضي حسين، ومستحب عند جمهور الشافعية والحنابلة؛ لأن الظاهر من انقطاع البول عدم العود، واستدلوا على مشروعيته بما رواه (الإمام أحمد وابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بال أحدكم فَلْيَنْتُرْ ذكره ثلاثًا"؛ وهو "حديث ضعيف"؛ قال النووي في المجموع: "اتفقوا على أنه ضعيف".

وذهب شيخ الإسلام "ابن تيمية" إلى أن سلت الذكر ونتره بعد الانتهاء من البول يعد بدعة محدثة، ويؤدي إلى الوسوسة؛ قال في (مجموع الفتاوى): "التَّنَحنُح بعد البول والمشي والطفر إلى فوقٍ، والصعود في السُّلم، والتعلُّق في الحبلِ، وتفتيش الذكرِ بإسالته وغير ذلك: كل ذلك بدعة ليس بواجب ولا مستحبٍ عند أئمة المسلمين، بل وكذلك نتْر الذكر بدعة على الصحيح لم يشرع ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وكذلك سَلْت البول بدعة لم يُشرَّع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث المَروي في ذلك ضعيف لا أصل له، والبول يَخرجُ بطبعِه، وإذا فرغ انقطع بطبعِه وهو كما قيل: كالضَّرْع إن تركْته قَرَّ، وإن حَلَبْته دَرَّ وكُلَّما فتح الإنسان ذكره فقد يخرج منه، ولو تركه لم يخرج منه. وقد يخيل إليه أنه خرج منه وهو وسواسٌ، وقد يُحِسُّ من يجدُهُ بَرْدا لِمُلاقاة رأس الذكر، فيظن أنه خرج منه شيء ولم يخرج، والبول يكون واقفًا محبوسًا في رأسِ الإحلِيلِ لا يقطرُ، فإذا عصر الذَّكر أو الفرجَ أو الثُّقْبَ بحجَرِ أو أُصبُعٍ، أو غير ذلك، خرجَتْ الرُّطُوبَةُ، فهذا أيضًا بدْعةٌ، وذلك البولُ الواقفُ لا يحتاج إلى إخراجٍ باتّفاق العلماء لا بحجرٍ ولا أصبعٍ ولا غير ذلك، بل كلما أخرجهُ جاء غيُرُه فإنه يرشحُ دائمًا.

والاستجمار بالحجر كاف لا يحتاج إلى غسل الذكر بالماء، ويُستحب لمن استنجى أن ينضح على فرجه ماء، فإذا أحسَّ بِرْطُوبته قال: هذا من ذلك الماء.

وأما من به سلسُ البول -وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا ينقطعُ- فهذا يتخذ حِفاظا يمنعه، فإن كان البول ينقطع مقدار ما يتطهر ويُصلِّي، وإلا صلَّى وإن جرى البول - كالمستحاضة- تتوضأ لكل صلاة والله أعلم".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع الألوكة

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام