الزيادة عن 11 أو 13 ركعة في صلاة التراويح

منذ 2008-09-05
السؤال: هل الأفضل القيام بالتراويح في الجماعة أم في المنزل؟ وهل نستطيع أن نزيد على ثلاث عشرة ركعة؟ وإذا كان الجواب لا فبم التعبد إذن؟
الإجابة: إن الأفضل صلاة التراويح في المسجد، لأن حديث أبي ذر فيه: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، ومع ذلك إذا كان الإنسان سيزيد عما يصليه الناس في المسجد فينبغي أن يصلي في بيته لأن أفضل صلاته في بيته إلا المكتوبة، ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر الناس على الصلاة معه في الليالي الثلاث التي قامها بالناس، ثم كان يصلي معه بعض الأفراد في غير ذلك، فقد قام معه ابن مسعود قياماً طويلاً جداً حتى قال ابن مسعود: "حتى هممت بأمر سوء"، قالوا: وما هو يابن أم عبد؟ قال: "هممت أن أجلس"، وكذلك قام معه يعلى بن أمية، وقام معه ابن عباس ليلة مبيته عند ميمونة، وقام معه حذيفة بن اليمان عدة ليال، فهؤلاء كانوا يقومون الليل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلذلك الأجر الوارد في الجماعة الراجح من الأحاديث إن شاء الله تعالى أنه موعود به في الفريضة وفي النافلة، وبالأخص في قيام رمضان الذي كان من سنة الخلفاء إظهاره شعيرة من شعائر الإسلام يجتمع الناس إليه في المسجد كما فعل ذلك عمر وعثمان وعلي ومن تبعهم من الخلفاء في مختلف العصور، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين".

وبالنسبة للعدد: ليس للتراويح عدد محدد ولا لقيام الليل عدد محدد، بل قال تعالى: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما}، فمن استطاع أن يقوم الليل كله فلا حرج عليه في ذلك، وقد كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون مائة ركعة، وبعضهم يصلي مائتي ركعة، وكان حزب علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم مائتي ركعة كل ليلة، يصلي مائتي ركعة غير الوتر كل ليلة.

وبالنسبة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم الراجح فيها عدم التحديد أيضاً بشيء، فقد قام ليلة كاملة بآية واحدة كما في حديث عائشة، وأما حديث عائشة الذي فيه حصر ذلك بقولها: "ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة"، وفي رواية على اثنتي عشرة ركعة بعدها الوتر، فهذا الحديث فيه تعارض في العدد حيث قالت: "إحدى عشرة ركعة"، وفي رواية أخرى: "اثنتي عشرة ركعة بعدها الوتر"، وأيضاً فهي تحدث عما علمت، وعدم العلم بالشيء ليس علما بعدمه، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبيت عندها في كل ليلة.

وأيضاً فقد روى عنه أصحابه أكثر من ذلك، ففي حديث أبي ذر أنه قام بهم ثلث الليل وفي ليلة أخرى ثلثي الليل، وفي ليلة أخرى حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، فهذا يقتضي كثرة صلاته صلى الله عليه وسلم وبالأخص أنه كان في حديث عائشة في العشر الأواخر يحيي ليله كله، فلذلك ليس للتراويح عدد محدد بالنص، ولا لقيام الليل عدد محدد بالنص، بل قال قتادة بن دعامة السدوسي: أقل ذلك حلب شاة، أي القدر الذي يحتلب فيه الإنسان شاة هذا أقل قيام الليل، ولا حد لأكثره، وكذلك فإن تحديد عمر رضي الله عنه ثلاثا وعشرين ركعة للناس ليس سنة مستمرة، بل غيرها عمر بن عبد العزيز فجعلها تسعاً وثلاثين ركعة، ثم أعادها مالك بن أنس إلى ثلاث وعشرين في أيامه، فلذلك لا حرج في الزيادة والنقص.

لكن المهم أن يقوم الإنسان ما يسمى قياماً، أما الذي ينقر وينقش ويرجع إلى بيته كأن شيئاً لم يحصل ولم يتأثر قلبه ولم يسمع قرآناً ولم يبك ولم يتعظ فهذا لم يقم الليل، والذي قام ولو لم يقم به إلا الوتر لكنه اتعظ وأطال وأوتر بتسع أو بسبع أو بخمس أو بثلاث كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فهذا إن شاء الله تعالى يرجى أن يكون قد قام الليل وهذا المطلوب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.