كفارة الأيمان

منذ 2008-09-17
السؤال: وقع بيني وبين أخي نزاع، وحلفت بالله تعالى عدة أيمان: أني ما أكلمه، فقاطعته سنتين، ولم أدخل بيته، وهو في كل مناسبة يحاول الاتصال بي، ويوسط لي واسطة خير؛ ليصلحوا بيننا، فأكرر لهم الأيمان الكثيرة بأني لا أكلمه، والآن ندمت، وأحب أصالحه، وأكلمه، ولكن مشكلتي هذه الأيمان الكثيرة التي لا أحصيها، وكفاراتها، فهل أجد عندكم حلا لمشكلتي؟
الإجابة: مشكلتك من ناحية الأيمان بسيطة، وحلها متيسر من فضل الله: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَالله مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (1).

ولكن الأهم من ذلك مقاطعتك لأخيك طيلة هذه المدة، فهذا حرام عليك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" (2) (متفق عليه)، من حديث أبي أيوب الأنصاري.

. وما دمت قد رجعت عن رأيك، وندمت على ما فَرَطَ منك، فالحمد لله وعليك التوبة، وإعادة العلاقات الطيبة مع أخيك، والتسامح معه.

وأما الكفارة فكل هذه الأيمان التي كررتها يكفيك عنها كفارة يمين واحدة؛ لأنها إنما كررت على شيء واحد؛ وهو مكالمتك لأخيك. وقد صرح العلماء رحمهم الله بأنه إذا حلف أيمانا متكررة بالله تعالى على شيء -أو على أشياء- فحنث فيها، ولم يكفر عن شيء منها، فإنه يكفيه كفارة واحدة عن الجميع نصا؛ لأنها كفارات من جنس واحد، فتتداخل كالحدود. فعلى هذا عليك أن تكفر كفارة واحدة؛ وهي على التخيير:
- أولاً: بين إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مُدٌّ من البر، أو نصف صاع من غيره،
- أو كسوتهم: للرجل ثوب يكفيه في صلاته، وللمرأة درع وخمار كذلك،
- أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب.

فإن لم تجد ما تطعم به عشرة المساكين، فتصوم ثلاثة أيام متتابعات؛ لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} الآية (3)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني" (4)، والله المستعان.

___________________________________________

1 - سورة التحريم: الآية (2).
2 - البخاري (6077، 6237)، ومسلم (2560).
3 - سورة المائدة: الآية (89).
4 - البخاري (3133، 4385)، وفي غير موضع، ومسلم (1649)، وأبو داود (3276)، وأحمد (4/ 398).

عبد الله بن عبد العزيز العقيل

كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .