زكاة العنب القابلِ للتجفيف وغيره

منذ 2008-09-19
السؤال: سائل يسأل عن مَزارع العنب التي تغل غلالا كثيرة، ويستحصل منها المزارعون قيما باهظة أكثر من غلة النخيل، ولم نسمع أن العمال خَرَصُوها، فهل عليها زكاة أم لا؟ وإذا كان عليها زكاة، فهل تجب من العنب عنبا أم تؤخذ قيمة؛ لأن العنب في هذه البلدان لا يزبب؟
الإجابة: لا شك أن الزكاة تجب في العنب كما تجب في بقية الثمار، إذا بلغت نصابا. وقدره خمسة أوسق. والوَسْق: ستون صاعا. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُخْرَصَ العنبُ كما يخرص النخل. وكان صلى الله عليه وسلم يبعث على الناس من َيَخْرُصُ عليهم كرومهم وثمارهم. فروى أبو داود والترمذي (1) عن عتاب بن أسيد: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخيل.
وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص كرومهم وثمارهم (رواه الترمذي وابن ماجه) (2).

. وأما قول السائل: هل تجب الزكاة من العنب عينا أم تؤخذ قيمة؛ لأن العنب في هذه البلاد لا يزبب؟
- فجوابه: أن الزكاة تجب في جميع العنب، سواء منه القابلُ للتجفيف وغيره، ولا فرق؛ إذْ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أن الزكاة من نوع دون الآخر. وإنما الخلاف هل تخرج الزكاة من عين العنب أم من ثمنه؟ ونظرا إلى أن ثمرةً مثل هذا العنب لا تتحمل كثرة النقل، ولا الانتظار؛ ولأن مصلحة الفقراء تتحقق في أخذ الزكاة من قيمته من غير أن يتضرر أرباب العنب- فلا مانع أن تؤخذ الزكاة من ثمنه.

وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكره قولا للإمام مالك وغيره؛ حيث قال في الجزء الخامس والعشرين من (مجموع الفتاوى) (3) ما نصه: (فصل): والعنب الذي لا يزبب، والرطب الذي لا يتمر، والزيتون الذي لا يعصر، فقال مالك وغيره: تخرج الزكاة من ثمنه إذا بلغ خمسة أوسق، وإن لم يبلغ ثمنه مائتي درهم.أ.هـ.

وعلى الْخُرَّاص أن يتركوا للفلاح الثلث أو الربع، كما تقضي به النصوص الشرعية، وكخرص ثمرة النخيل.

وإذا أخذت الزكاة من القيمة، فالاعتبار بقيمة العنب من شجره -جملة- لا باعتبار قيمته في الأسواق، كما يقضي به العدل والإنصاف، والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

___________________________________________

1 - أبو داود (1604)، والترمذي (644) من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عتاب بن أسيد، مرفوعاً، به.
قال أبو داود: وسعيد لم يسمع من عتاب شيئاً.
2 - الترمذي (644)، وابن ماجه (1819) بنفس الإسناد السابق. وهو معلول بالانقطاع.
3 - (25/ 28).

عبد الله بن عبد العزيز العقيل

كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .