صلاة المسبوق خلف الإمام إذا سهى

منذ 2008-12-24
السؤال: سلّم الإمام عن ثلاث ركعات في صلاة رباعية؛ فقام المسبوق ليكمل صلاته، ولم يستدرك الإمام، ولم يقم ليأتي بالركعة التي أسقطها إلا بعدما ركع هذا المسبوق، والسؤال: ماذا يفعل المسبوق في هذه الحالة؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فما دام الإمام قد انتبه وأتى بالركعة الرابعة، فكان الواجب على جميع المأمومين -المسبوق منهم وغير المسبوق- أن يتابعوه، ويكملوا معه؛ وذلك لوجوب متابعة الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جُعِل الإمام ليُؤتم به" (رواه البخاري).

فإذا سلَّم الإمام من الرابعة، قام المسبوق لقضاء ما فاته، ثم يسجد سجدتي السهو من أجل سهو إمامه. وللعلماء في المسألة قولان هما وجهان عند الحنابلة؛ قال "ابن مفلح" في (الفروع): "في رجوعه بعد الاعتدال ولم يقرأ وجهان: أحدهما: لا يرجع وجوباً, وهو الصحيح, وجزم به في (المغني), والشرح ...

والوجه الثاني: يجوز له الرجوع كما في التشهد, اختاره "القاضي" وقطع به في (الرعايتين), واقتصر عليه في (المحرر), وقدمه في (شرح الهداية), فقال: "وإن انتصب، فالأولى أن لا يرجع, فإن رجع جاز, ذكره القاضي كالتشهد الأول, وقيل لا يجوز له أن يرجع انتهى، وقال صاحب (المغني): "لا يرجع إلى سابق سوى التشهد الأول" ورجح العلامة "ابن عثيمين" أنه يرجع حتى ولو كان قد استتم قائماً ويصلي مع الإمام.

أما إذا شرع في القرآءة فلا يعود؛ لأنه تَلَبَّس بركن مقصود فلا يعود إلى واجب؛ قال "المرداوي" -الحنبلي- في (الإنصاف): "لو قام المسبوق بعد سلام إمامه؛ جهلاً بما عليه من سجود بعد السلام أو قبله, وقد نسيه ولم يشرع في القراءة: رجع فسجد معه وبنى نص عليه, وقيل: لا يرجع, وقيل: إن لم يتم قيامه رجع، وإلا فلا، بل يسجد هو قبل سلام إمامه، قال في الحاويين: وعندي إن لم يستتم قائماً رجع، وإلا فلا, وإن شرع في القراءة لم يرجع قولاً واحداً".

وقال "ابن نجيم" -الحنفي- في (البحر الرائق شرح كنز الدقائق): "ولو قام المسبوق إلى قضاء ما سبق به بعدما سلَّم الإمام ثم تذكر الإمام أن عليه سجود السهو قبل أن يقيد المسبوق ركعة بسجدة - فعليه أن يرفض ذلك ويعود إلى متابعة الإمام ثم إذا سلم الإمام قام إلى قضاء ما سبق به ولا يعتد بما فعل من القيام والقراءة والركوع ولو لم يعد إلى الإمام ومضى على صلاته يجوز، ويسجد للسهو بعدما فرغ من القضاء استحسانا".

والراجح: مذهب الحنابلة أنه لا يرجع مادام شرع في القراءة، وليُعلَم؛ أن المأموم يلحقه سهو إمامِهِ، ويلزمه متابعته في السجود، سواء سها معه أو انفرد الإمام بالسهو وقال "ابن المنذر": "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك".

وقال "النووي" في (المجموع):"فإن ترك موافقته عمداً بَطَلَت صلاته، سواء عرف المأموم سهو الإمام أم لم يعرفه، فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين، لزم المأموم متابعته".

وقال في (منهاج الطالبين): "ويلحقه سهو إمامه، فإن سجد لَزِمَه متابعته، وإلا فيسجد على النص، ولو اقتدى مسبوق بمن سها بعد اقتدائه، وكذا قبله في الأصح؛ فالصحيح أنه يسجد معه في آخر صلاته، فإن لم يسجد الإمام، سجد آخر صلاة نفسه على النص".

ومما تقدم يتبن أن هذا المأموم لا يلزمه أن يرجع إلى إمامه وإنما يتم صلاته ثم يسجد سجدتين لسهو الإمام؛ لأنه يلحقه سهوه كما سبق بيانه،، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع الألوكة

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام