الاعتكاف في غرفة تابعة للمسجد
منذ 2009-07-21
السؤال: أريد أن أسأل عن الاعتكاف، هل يجوز أن أعتكف في غرفة ملحقة بالمسجد؟
أم لابد من الاعتكاف في المسجد نفسه؟ وما الضرورات التي يجوز لي
الخروج فيها؟
وإن لم أستطع أن أحصل على إجازة من عملي: هل يجوز الخروج يومياً للعمل؟ وإذا دعاني أحد للإفطار في بيته هل ألبي دعوته وأنا معتكف، عملاً بالحديث الذي يقول: "من لم يجب الدعوة يكون عاصياً لله"؟
وهل لابد من الاعتكاف عشرة أيام كاملة؛ بمعنى هل ممكن أن أعتكف خمسة أيام أم لا أجر عليهم؟
وإن لم أستطع أن أحصل على إجازة من عملي: هل يجوز الخروج يومياً للعمل؟ وإذا دعاني أحد للإفطار في بيته هل ألبي دعوته وأنا معتكف، عملاً بالحديث الذي يقول: "من لم يجب الدعوة يكون عاصياً لله"؟
وهل لابد من الاعتكاف عشرة أيام كاملة؛ بمعنى هل ممكن أن أعتكف خمسة أيام أم لا أجر عليهم؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فإن الاعتكاف مشروع في المساجد التي تقام فيها الجمعة والجماعات؛ قال تعالى: {وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187]، ولأن النبي لم يعتكف إلا في المسجد.
.. أما الاعتكاف في غرفة تابعة للمسجد: فإن كانت جزءاً من المسجد بحيث تتصل فيها صفوف المصلين؛ فإنه يصلح الاعتكاف فيها، فتدخل في عموم قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187].
أما إن كانت هذه الغرفة لم تعد للصلاة، وليست داخل حدود المسجد ولا يصلى فيها إطلاقاً فهي ليست مسجداً، ولا تصلح للاعتكاف؛ لأن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الذي أعد لصلاة الجماعة.
.. أما الخروج من المسجد حال الاعتكاف؛ فقد اتفق الفقهاء على أن خروج الرجل من المسجد إذا كان لغير حاجة فإنه يفسد الاعتكاف سواء أكان الخروج يسيراً أم كثيراً، أما إذا كان الخروج لحاجة فلا يبطل الاعتكاف، وسنذكر باختصار الحاجة التي لا تقطع الاعتكاف ولا تفسده:
- الخروج لقضاء الحاجة والوضوء والغسل الواجب.
- الخروج للأكل والشرب إذا لم يجد من يأتيه به في معتكفه.
- الخروج لصلاة الجمعة إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجمعة.
- الخروج للمرض الشديد الذي يتعذر معه البقاء في المسجد.
- الخروج من المسجد لعارض حدث فيه كانهدام ونحوه، بحيث يقيم اعتكافه في مسجد آخر.
ونحو ذلك من الأمور التي لا بد منها ولا يمكن فعلها في المسجد.
فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً"، قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني) (4/466): "والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط، كنى بذلك عنهما; لأن كل إنسان يحتاج إلى فعلهما، وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب، إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه إذا احتاج إليه ... وكل ما لا بد له منه ولا يمكن فعله في المسجد فله الخروج إليه، ولا يفسد اعتكافه وهو عليه ما لم يُطل".أ.هـ.
.. وقد أجاز الحنفية والشافعية والحنابلة الخروج لعيادة المرضى وصلاة الجنازة إذا اشترط الخروج لهما، والراجح عدم الجواز لحديث عائشة قالت: "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" (رواه أبو داود وصححه الألباني).
.. والخروج للعمل أو تلبية دعوة الإفطار مما ينافي الاعتكاف، وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة حيث قالت: "السنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب الدعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد"، ثم استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها السابق الذي رواه أبو داود.
.. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " " (رواه مسلم)، فالعاصي لله ورسوله من تخلف عن الوليمة بغير عذر يسقط به الوجوب، فمثلاً من كان المريض لا يجب عليه إجابة الدعوة، وكذلك دل حديث عائشة السابق أن المعتكف معذور في التخلف عن حضور الوليمة.
وقد حمل الجمهور وجوب الدعوة على وليمة العرس فقط؛ قال الإمام النووي: "ونقل القاضي عياض رحمه الله اتفاق العلماء على وجوب الإجابة لوليمة العرس، قال: واختلفوا فيما سواها. وقال مالك والجمهور: لا تجب الإجابة إليها".
.. وعليه؛ فإن دعيت إلى طعام أو وليمة فلا يجوز الخروج لتلبية تلك الدعوة حال الاعتكاف ويكفي الاعتذار، كما لا يجوز الخروج للعمل أثناء الاعتكاف.
.. أما زمن الاعتكاف فقد اختلف الفقهاء في مقدار اللبث المجزئ في الاعتكاف:
- فذهب الحنفية إلى أن أقله ساعة من ليل أو نهار، وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة، وهو المذهب عند الحنابلة.
قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: "وأقله -نفلاً- ساعة من ليل أو نهار عند محمد، وهو ظاهر الرواية عن الإمام أبي حنيفة لبناء النفل على المسامحة، وبه يفتى".
وقال صاحب (كشاف القناع) الحنبلي: "وأقله أي الاعتكاف ساعة".
وقال المرداوي في (الإنصاف): "أقله إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً".
- وذهب الشافعية أنه لا يقدر بزمان، بل اشترطوا في اللبث أن يكون قدراً يسمى عكوفاً وإقامة، ولو بلا سكون بحيث يكون زمنه فوق زمن الطمأنينة في الركوع ونحوه، فيكفي التردد فيه لا المرور بلا لبث.
ويندب عندهم أن يكون يوماً؛ لأنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف أقل من يوم، ولا أحد من الصحابة، على ما حكاه في (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج).
- والمعتمد عند المالكية يوم وليلة، وفي رواية يوم فقط كما في منح الجليل، وحاشية الدسوقي وغيرهما.
.. والراجح أن وقت الاعتكاف لم يتحدد بمدة معينة؛ لعدم ورود الدليل بتحديد زمن معين للاعتكاف، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء.
.. وعليه؛ فيمكنك أن تعتكف خمسة أيام وتكون مأجوراً إن شاء الله، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن الاعتكاف مشروع في المساجد التي تقام فيها الجمعة والجماعات؛ قال تعالى: {وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187]، ولأن النبي لم يعتكف إلا في المسجد.
.. أما الاعتكاف في غرفة تابعة للمسجد: فإن كانت جزءاً من المسجد بحيث تتصل فيها صفوف المصلين؛ فإنه يصلح الاعتكاف فيها، فتدخل في عموم قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187].
أما إن كانت هذه الغرفة لم تعد للصلاة، وليست داخل حدود المسجد ولا يصلى فيها إطلاقاً فهي ليست مسجداً، ولا تصلح للاعتكاف؛ لأن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الذي أعد لصلاة الجماعة.
.. أما الخروج من المسجد حال الاعتكاف؛ فقد اتفق الفقهاء على أن خروج الرجل من المسجد إذا كان لغير حاجة فإنه يفسد الاعتكاف سواء أكان الخروج يسيراً أم كثيراً، أما إذا كان الخروج لحاجة فلا يبطل الاعتكاف، وسنذكر باختصار الحاجة التي لا تقطع الاعتكاف ولا تفسده:
- الخروج لقضاء الحاجة والوضوء والغسل الواجب.
- الخروج للأكل والشرب إذا لم يجد من يأتيه به في معتكفه.
- الخروج لصلاة الجمعة إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجمعة.
- الخروج للمرض الشديد الذي يتعذر معه البقاء في المسجد.
- الخروج من المسجد لعارض حدث فيه كانهدام ونحوه، بحيث يقيم اعتكافه في مسجد آخر.
ونحو ذلك من الأمور التي لا بد منها ولا يمكن فعلها في المسجد.
فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً"، قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني) (4/466): "والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط، كنى بذلك عنهما; لأن كل إنسان يحتاج إلى فعلهما، وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب، إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه إذا احتاج إليه ... وكل ما لا بد له منه ولا يمكن فعله في المسجد فله الخروج إليه، ولا يفسد اعتكافه وهو عليه ما لم يُطل".أ.هـ.
.. وقد أجاز الحنفية والشافعية والحنابلة الخروج لعيادة المرضى وصلاة الجنازة إذا اشترط الخروج لهما، والراجح عدم الجواز لحديث عائشة قالت: "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" (رواه أبو داود وصححه الألباني).
.. والخروج للعمل أو تلبية دعوة الإفطار مما ينافي الاعتكاف، وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة حيث قالت: "السنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب الدعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد"، ثم استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها السابق الذي رواه أبو داود.
.. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " " (رواه مسلم)، فالعاصي لله ورسوله من تخلف عن الوليمة بغير عذر يسقط به الوجوب، فمثلاً من كان المريض لا يجب عليه إجابة الدعوة، وكذلك دل حديث عائشة السابق أن المعتكف معذور في التخلف عن حضور الوليمة.
وقد حمل الجمهور وجوب الدعوة على وليمة العرس فقط؛ قال الإمام النووي: "ونقل القاضي عياض رحمه الله اتفاق العلماء على وجوب الإجابة لوليمة العرس، قال: واختلفوا فيما سواها. وقال مالك والجمهور: لا تجب الإجابة إليها".
.. وعليه؛ فإن دعيت إلى طعام أو وليمة فلا يجوز الخروج لتلبية تلك الدعوة حال الاعتكاف ويكفي الاعتذار، كما لا يجوز الخروج للعمل أثناء الاعتكاف.
.. أما زمن الاعتكاف فقد اختلف الفقهاء في مقدار اللبث المجزئ في الاعتكاف:
- فذهب الحنفية إلى أن أقله ساعة من ليل أو نهار، وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة، وهو المذهب عند الحنابلة.
قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: "وأقله -نفلاً- ساعة من ليل أو نهار عند محمد، وهو ظاهر الرواية عن الإمام أبي حنيفة لبناء النفل على المسامحة، وبه يفتى".
وقال صاحب (كشاف القناع) الحنبلي: "وأقله أي الاعتكاف ساعة".
وقال المرداوي في (الإنصاف): "أقله إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً".
- وذهب الشافعية أنه لا يقدر بزمان، بل اشترطوا في اللبث أن يكون قدراً يسمى عكوفاً وإقامة، ولو بلا سكون بحيث يكون زمنه فوق زمن الطمأنينة في الركوع ونحوه، فيكفي التردد فيه لا المرور بلا لبث.
ويندب عندهم أن يكون يوماً؛ لأنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف أقل من يوم، ولا أحد من الصحابة، على ما حكاه في (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج).
- والمعتمد عند المالكية يوم وليلة، وفي رواية يوم فقط كما في منح الجليل، وحاشية الدسوقي وغيرهما.
.. والراجح أن وقت الاعتكاف لم يتحدد بمدة معينة؛ لعدم ورود الدليل بتحديد زمن معين للاعتكاف، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء.
.. وعليه؛ فيمكنك أن تعتكف خمسة أيام وتكون مأجوراً إن شاء الله، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع الآلوكة.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف: