حكم العمل في السينما

منذ 2010-05-23
السؤال: أنا كاتب روائي، وقد عُرض عليَّ عمل أعمالي أفلامًا سينمائية، وأريد أن أعرف: هل مالها حلال أم حرام؟
مع العلْم أنِّي أُسَلِّم العمل نقيًّا ونظيفًا للشركة، وأخلي مسؤوليتي، فإذا أضاف المخرجُ شيئًا فهل أُحاسَب عنه؟ مع العلم أن ذلك خارج وظيفتي.
أفيدونا أفادكم الله.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن السينما بوَضْعها الحالي، وبوَضْع القائمين عليها من أهل الفن، لا يجوز مطلقًا التعاوُن معهم مِنْ قريبٍ ولا بعيد.
وعلى فرْض أنَّ الرِّوايات التي ستكتبها هادفة، ولا يوجَد فيها ما يُخالف الشَّرْع مِنْ عقيدةٍ باطلة، أو أخلاق سافلة، أو دعوة إلى التبَرُّج والاختلاط ونحو ذلك، وكان الغالبُ على ظنك أنه لن يُضاف إليها شيءٌ يخل بالشرع - فلا يجوز التعاون مع هؤلاء؛ لِمَا هُم عليه مِن إثْمٍ وفتنة، وإضلال للشُّعوب، وقلْب للحقائق.
ولا يخفى عليكَ أن القصص التي ستكتبها، وإن كانتْ جادةً، إلا أنه حتى تروج بين الغَوْغاء ويُقبل عليها رُواد السينما، وتحصِّل الإيرادات الكثيرة؛ فلا بد أن يُضاف إليها ما يجذب المشاهد على حدِّ زعمهم؛ بإدخال العنصر النسائي في أوضاع متحللة متهتكة، مع الأجواء الصاخبة بالغناء والموسيقى، مما يجعل المشاهد يهوي كالذباب؛ مِن عُري، وكلام خارج، وغير ذلك مما هو معلوم عند القاصي والداني، والواقع خيرُ شاهدٍ، ففِرَّ بدينك، واحذرْ - رعاك الله - أن تدخلَ في نفق مظلمٍ قلَّ أن ينجو من ولجه؛ قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]،
وأيُّ أثمٍ أشد من التمثيل بوضعيته الحالية؟! وأي عدوان على الإنسانية ككل أعدى منه؟! ولذلك فالمالُ المحَصَّل مِن جراء مُعاوَنة ذلك الوسط العفِن بكتابة أفلام، لا يَشُكُّ عالِمٌ في حُرمته وخُبْثه، وفي إثم صاحبه.
وهذا ليس رأينا فحسب، بل قد تنبَّه لعُيُوبها بعضُ المشتغلين بها، فذكروا بعضًا مما بلغته من سوء، وهم قد نشَؤُوا في ظلِّها، وأشربتْ عُقُولهم وثقافتهم سمومها التي تبثُّها عصابات السينما.
ونحن في هذه الفتوى لا يُمكننا أن نستقصي كل عيوب الفنِّ والتمثيل، فهذا مجاله بحث مُستقل، ولكن نكتفي بما يحصل بالقدْر الذي ينبّه السائل، وعامة المسلمين إلى مُنابذة السينما لنظام الإسلام ككل، ومنهجه الإيماني والدعوي والأخلاقي والحياتي، بل هي أبشع ما يمحق البشرية محقًا بقضائه على منظومة الأخلاق؛ فمشاهدُ العُري، وتكشُّف السَّوْءات، وطواف خيالات الفنِّ دائمًا حول مستنقع الوحل الجنسي والفُحش والخلاعة، الذي لا يفتأ يزداد وقاحة.
ومن ثمّ فلا شك أن الأفلام السينمائية تذكي في الناس عواطف الحبِّ الشهواني، وتُلَقِّنهم دروسًا عمليَّة في انحطاط المستوى الخلقي للنساء، المتمثِّل في عُريهنَّ، وفي تدخين السجائر، وشربهن المسكرات، واختلاطهن بالرجال بلا قيد، مع الرقص واللهو والغناء، كما هو مشاهد، فللفَنِّ الوزرُ الأكبر في انهيار أخلاق في المجتمعات الإسلامية، حتى أصبحت مقولة: "فن هادف" أو نحوها، من النكات الممْجُوجة، وبإمكانك -رعاك الله- أن تقدم رواياتك للقنوات الإسلامية إذا وثقت أنهم لا يتساهلون في الغناء والموسيقى، ولا في خروج النساء،، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع الآلوكة على شبكة الانترنت.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام