الاقتصار على الفرائض
منذ 2011-07-31
السؤال: هل الإنسان المسلم الذي يقوم بجميع الواجبات، ويترك جميع
المُحَرَّمَات ويقتصر على ذلك دون أداء أي شيء من النوافل يدخل الجنة،
أم لا يدخل الجنة إلا بالتزود بالنوافل؟
إن كان هناك حديثٌ عن هذا الموضوع أرجو تزويدي به، مع سنده وإخراجه، وجزاكم الله خيرًا.
إن كان هناك حديثٌ عن هذا الموضوع أرجو تزويدي به، مع سنده وإخراجه، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فإذا قام الإنسان بحق الله تعالى وحق العباد عليه؛ فَشَهِدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وحج البيت فهو على خيرٍ، وقد أتى بما أوجب اللهُ سبحانه وتعالى عليه، بشرط أن يكُفَّ عن جميع المُحَرَّمَاتِ، وهو من أهل الجنة إن شاء الله تعالى؛ قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32]، قال الإمام ابنُ كثيرٍ في تفسيره: "يقول تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَا القائمين بالكتاب العظيم، المُصَدِّقِ لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع، فقال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهو: المُفَرِّط في فعل بعض الواجبات، المُرْتَكِبُ لبعض المُحَرَّمَات، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهو: المؤدِّي للواجبات، التَّارِكُ للمُحَرَّمَات، وقد يَتْرُك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمُحَرَّمَات والمكروهَات وبعض المُبَاحَات.
قال علي بْنُ أبي طَلْحَةَ، عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} قال: هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَرَّثهم الله كُلَّ كِتَابٍ أنزله، فَظَالِمُهُمْ يُغْفَر له، ومُقْتَصِدُهُم يُحَاسَبُ حِسَابًا يسيرا، وَسَابِقُهُمْ يدخل الجنة بغير حساب".
وقد وَرَدَتْ أحاديثُ كثيرةٌ دالَّة على ذلك منها: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي عبد الله جابرِ بن عبد الله الأنصاريِّ رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ".
ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة: "أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دُلَّنِي على عمل إذا عَمِلْتُهُ دخلتُ الجنَّةَ، قال: " "، قال: والذي نفسي بيده لا أَزِيدُ على هذا شيئًا أبدًا ولا أَنْقُصُ منه، فلما ولَّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ".
ومنها ما أخرجه مالك والشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن طلحة بن عبيد الله قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نَفْقَهُ ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، فقال: هل عليَّ غيرُهُنَّ؟ قال: " "، فقال: هل علي غيره؟ قال: " "، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرُها؟ قال: " "، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أَزيدُ على هذا ولا أَنْقُصُ منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ".
قال النووي في "شرح مسلم": "ويحتمل أنه أراد أنه لا يُصَلِّي النافِلة مع أنه لا يُخِلُّ بشيء من الفرائض وهذا مُفلِح بلا شك، وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة، وترد بها الشهادة، إلا أنه ليس بعاصٍ بل هو مُفْلِحٌ ناجٍ"، والله أعلم.
ومنه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: " " [رواه أحمد]، وقوله أيضًا: " " [رواه البخاري].
ومما يدل على ذلك أيضًا قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13، 14].
قال ابْنُ رَجَبٍ رحمه الله: "والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فِعْلَ الطاعات كُلِّهَا: الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها".
وعليه، فمن أتى بأركان الإسلام واستقام على أمر الله فهو من أهل الجنة، وإن كان لا يَليق بالمسلم الاستمْرَارُ على ترك السنن والمندوبات؛ لأنَّ المرءَ لا يَسْلَمُ من التفريط في القيام بالفرائض على الوجه الأكمل كما بَيَّنَّا؛ فتكون السنن والنوافل جبْرًا لما فرَّط فيه من شأن الفرائض، وإن كان اقتصارُهُ على الفرائض على الوجه الأكمل سبيلا لنجاته، لكن الأَوْلَى به الحرصُ على هذا الخير العظيم؛ قال تعالى في الحديث القدسي: " " [رواه البخاري من حديث أبي هريرة]، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع الآلوكة.
فإذا قام الإنسان بحق الله تعالى وحق العباد عليه؛ فَشَهِدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وحج البيت فهو على خيرٍ، وقد أتى بما أوجب اللهُ سبحانه وتعالى عليه، بشرط أن يكُفَّ عن جميع المُحَرَّمَاتِ، وهو من أهل الجنة إن شاء الله تعالى؛ قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32]، قال الإمام ابنُ كثيرٍ في تفسيره: "يقول تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَا القائمين بالكتاب العظيم، المُصَدِّقِ لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع، فقال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهو: المُفَرِّط في فعل بعض الواجبات، المُرْتَكِبُ لبعض المُحَرَّمَات، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهو: المؤدِّي للواجبات، التَّارِكُ للمُحَرَّمَات، وقد يَتْرُك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمُحَرَّمَات والمكروهَات وبعض المُبَاحَات.
قال علي بْنُ أبي طَلْحَةَ، عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} قال: هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَرَّثهم الله كُلَّ كِتَابٍ أنزله، فَظَالِمُهُمْ يُغْفَر له، ومُقْتَصِدُهُم يُحَاسَبُ حِسَابًا يسيرا، وَسَابِقُهُمْ يدخل الجنة بغير حساب".
وقد وَرَدَتْ أحاديثُ كثيرةٌ دالَّة على ذلك منها: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي عبد الله جابرِ بن عبد الله الأنصاريِّ رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ".
ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة: "أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دُلَّنِي على عمل إذا عَمِلْتُهُ دخلتُ الجنَّةَ، قال: " "، قال: والذي نفسي بيده لا أَزِيدُ على هذا شيئًا أبدًا ولا أَنْقُصُ منه، فلما ولَّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ".
ومنها ما أخرجه مالك والشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن طلحة بن عبيد الله قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نَفْقَهُ ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، فقال: هل عليَّ غيرُهُنَّ؟ قال: " "، فقال: هل علي غيره؟ قال: " "، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرُها؟ قال: " "، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أَزيدُ على هذا ولا أَنْقُصُ منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ".
قال النووي في "شرح مسلم": "ويحتمل أنه أراد أنه لا يُصَلِّي النافِلة مع أنه لا يُخِلُّ بشيء من الفرائض وهذا مُفلِح بلا شك، وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة، وترد بها الشهادة، إلا أنه ليس بعاصٍ بل هو مُفْلِحٌ ناجٍ"، والله أعلم.
ومنه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: " " [رواه أحمد]، وقوله أيضًا: " " [رواه البخاري].
ومما يدل على ذلك أيضًا قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13، 14].
قال ابْنُ رَجَبٍ رحمه الله: "والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فِعْلَ الطاعات كُلِّهَا: الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها".
وعليه، فمن أتى بأركان الإسلام واستقام على أمر الله فهو من أهل الجنة، وإن كان لا يَليق بالمسلم الاستمْرَارُ على ترك السنن والمندوبات؛ لأنَّ المرءَ لا يَسْلَمُ من التفريط في القيام بالفرائض على الوجه الأكمل كما بَيَّنَّا؛ فتكون السنن والنوافل جبْرًا لما فرَّط فيه من شأن الفرائض، وإن كان اقتصارُهُ على الفرائض على الوجه الأكمل سبيلا لنجاته، لكن الأَوْلَى به الحرصُ على هذا الخير العظيم؛ قال تعالى في الحديث القدسي: " " [رواه البخاري من حديث أبي هريرة]، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع الآلوكة.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف: