حُكْمُ عرْضِ شرِكة (موبايلي)
منذ 2011-08-01
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
طَرَحَتْ شرِكة (موبايلي) - إحدى شركاتِ الهاتِف النَّقَّال - في الآونة الأخيرة عرْضًا لِمُشتركي الخُطوط، ويتضمَّنُ العرضُ الحُصولُ على "5000 دقيقة مجانية على مدى 6 أشهُر في حال دفْعِ المشترك رُسومَ الاشتراك مُقَدَّمًا لِمُدَّةِ سِتَّةِ أشهُر".
هل هناك أيُّ مَحذورٍ شرْعيٍّ في ذلك العرض؟
أفيدوني، بارك الله فيكم.
طَرَحَتْ شرِكة (موبايلي) - إحدى شركاتِ الهاتِف النَّقَّال - في الآونة الأخيرة عرْضًا لِمُشتركي الخُطوط، ويتضمَّنُ العرضُ الحُصولُ على "5000 دقيقة مجانية على مدى 6 أشهُر في حال دفْعِ المشترك رُسومَ الاشتراك مُقَدَّمًا لِمُدَّةِ سِتَّةِ أشهُر".
هل هناك أيُّ مَحذورٍ شرْعيٍّ في ذلك العرض؟
أفيدوني، بارك الله فيكم.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فمِنَ المعلوم أنَّ عقودَ شرِكات الهاتِف النَّقَّال عقودُ مُشَاهَرَة؛ وهي أنْ يُؤاجِرَ الخِدمةَ لِلعميل على أَنَّ كُلَّ شهرٍ أوْ كُلَّ يوم أو كُلَّ سنةٍ بكذا، من غيرِ تحديدِ مُدَّةٍ تنتهي إليها الإجارة، ويُسَمَّى مُشَاهَرةً أو مُياوَمَة، وهذا النوع من العقود صحيحٌ عند المالكية والحنفِيَّة وبعضِ الحنابِلة وأبي ثَوْرٍ، وغيرُ صحيحٍ عند الشافعيَّة؛ لِعدم تحديد مُدَّة الإجارة.
وعقْدُ المشاهَرةِ غيرُ لازِمٍ لأحد الطرفَيْنِ، بل هو مُنحَلٌّ من جِهَتِهِمَا، فأيُّهما أراد فَسْخَ العقْدِ فَلَهُ ذلك ما لم يَدْفَعِ المستأجِرُ الأُجْرَةَ أو يَبْدَأْ في الشهر أو السنة.
قال الدَّرْدِيرُ - المالكيُّ -: "وجاز الكِراءُ مُشاهرةً، وهو عبارةٌ عندهم عمَّا عُبِّرَ فيه بِكُلّ، نَحْوُ: كل شهر بكذا، أو كل يوم أو كل جمعة أو كل سنة بكذا، ولم يلزمِ الكراء لهما، فَلِكُلٍّ من المُتَكَارِيَيْنِ حَلُّهُ عن نفسه مَتَى شاءَ".
ومعلومٌ أيضا أنَّ قِيمَةَ الاشْتِراكِ تُدْفَعُ في آخِرِ كُلِّ شهرٍ، عند تحصيلِ قِيمَةِ الفاتورة المُستَحَقَّةِ على العميل نظيرَ الخدمة.
وتأسيسًا على ما سبق فإِذا أرادَتْ شرِكة الهاتِف النَّقَّال تعجيلَ دفْع قيمةِ ستَّة أشهُر كانت هذه وَجِيبةً مُستقِلَّةً، أي مدة مُحَدَّدَة لا تتجدَّدُ بنفس العقد (عقد الإجارة الجديد)، فمثلا إذا كانت قيمة الاشتراك الشهري خمسين ريالاً فيدفع العميل ثلاثمائة ريالٍ، نظيرَ إجارة جديدة مدتُها ستة أشهر، على أن يحصُل على الهبة المشروطة بالثواب (الهبة بشرط العوض).
وطلب تعجيلِ الإجارة لا شيء فيه؛ قال في "مطالب أولي النهى": "ويصِحُّ تعجيلُها - أي الأُجْرة - على مَحِلِّ استِحقاقِها، كما لو آجَر دارَه سنة خمس في سنة ثلاث، وشَرَطَ عليه تعجيلَ الأُجرة في يوم العقد".
أمَّا الهبة بشرط العِوض؛ كهِبَة الفقير إلى الغَنِيّ طمعًا في غِناه، فهذه هبةٌ بشرط الثواب وصُورَتها، مثلاً أن يقول: "إنني وهبتُ هذه الدار من فلانٍ بشرط أن يُعَوِّضني مائة ريالٍ، فقَبْلَ أن يقبِضَ المائة فإنَّ حُكمَ هذه كحُكم الهِبة، وبعدَ القبض فإنَّ حُكمها كحُكم البيع، فهي هِبَة ابتداء، وبيع انتهاء.
وذهب جمهور الفقهاء (الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة) وهو الأصحّ عند الشّافعيّة إلى جوازها، فإن تقابَضَا وجبت؛ لوجود معنى المُعَاوَضَةِ، قال خليل: "وجاز بشرط الثواب، ولزِمَ بتعيِينِه، وصُدِّقَ واهبٌ فيه إن لم يَشهدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ".
وقال ابنُ قُدامةَ في "المغني": "فإنْ شَرَطَ في الهبة ثوابًا معلومًا، صَحَّ، نَصَّ عليْهِ أحمدُ؛ لأنه تمليكٌ بعِوَضٍ معلومٍ، فهُو كالبيع، وحكمُها حُكمُ البيع، في ضَمانِ الدَّرَكِ، وثبوت الخيار والشُفْعَةِ، وبهذا قال أصحاب الرأي".
ولأصحاب الشافعيِّ قولٌ: أنَّه لا يَصِحُّ؛ لأنه شَرَطَ في الهبة ما يُنافِي مُقتَضاها، ولنا أنه تمليكٌ بِعِوَض، فصحَّ ما لو قال: مَلَّكْتُك هذا بدرهم".
قال: والأصلُ في هذا قولُ عمر رضي الله عنه: "مَنْ وَهَبَ هِبةً أراد بها الثواب، فهو على هبته، يَرْجِعُ فيها إذا لم يُرْضَ منها"، ورُوي معنى ذلك عن علي، وفضالة بن عبيد، وقد روى أبو هريرة: أنَّ أعرابيًا وَهَبَ للنبي صلى الله عليه وسلم ناقَةً، فأعطاه ثلاثًا فأبى، فزادَهُ ثلاثًا، فأَبَى، فزاده ثلاثًا، فلما كَمُلت تسعًا، قال: رضيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " اهـ. باختصار.
والحاصل؛ أن تلك الشركة قد أدخلت عقدَ إجارةٍ جديدًا - وَجِيبةً - يتمتع فيها العميل بهبةٍ مشروطةٍ بدفع الأجرة مقدمًا، وهو جائز إذا كان أصل العقد بين الشركة والعميل عَقْدَ مُشَاهَرةٍ؛ لأنها عقدٌ غيرُ لازمٍ، ولكل من المتعاقدين فسخُه متى شاء، وهذا ما ستفعله الشركة، تفسخ عقدَ المشاهَرةِ ثم تعقد وجيبةً لمدة ستة أشهر ثم تستأنف عقد المشاهرة مرة أخرى.
وأمَّا على فرض أن أصل العقد بين الشركة والعميل كان فترة من الزمن محددة - كسنتين أو ثلاث سنين ونحو ذلك - على أن كل شهر بكذا، فإذا عجَّل العميل بعض الأجرة قَبْلَ وقته والحال كذلك مقابل أخذ تلك الدقائق المجانية: فيكون جائزًا أيضًا من باب ضع وتعجل، وهو جائز عند الأكثر.
وعليه: فما قامت به الشركة المذكورة من الأمور مباح شرعًا، والله أعلم.
فمِنَ المعلوم أنَّ عقودَ شرِكات الهاتِف النَّقَّال عقودُ مُشَاهَرَة؛ وهي أنْ يُؤاجِرَ الخِدمةَ لِلعميل على أَنَّ كُلَّ شهرٍ أوْ كُلَّ يوم أو كُلَّ سنةٍ بكذا، من غيرِ تحديدِ مُدَّةٍ تنتهي إليها الإجارة، ويُسَمَّى مُشَاهَرةً أو مُياوَمَة، وهذا النوع من العقود صحيحٌ عند المالكية والحنفِيَّة وبعضِ الحنابِلة وأبي ثَوْرٍ، وغيرُ صحيحٍ عند الشافعيَّة؛ لِعدم تحديد مُدَّة الإجارة.
وعقْدُ المشاهَرةِ غيرُ لازِمٍ لأحد الطرفَيْنِ، بل هو مُنحَلٌّ من جِهَتِهِمَا، فأيُّهما أراد فَسْخَ العقْدِ فَلَهُ ذلك ما لم يَدْفَعِ المستأجِرُ الأُجْرَةَ أو يَبْدَأْ في الشهر أو السنة.
قال الدَّرْدِيرُ - المالكيُّ -: "وجاز الكِراءُ مُشاهرةً، وهو عبارةٌ عندهم عمَّا عُبِّرَ فيه بِكُلّ، نَحْوُ: كل شهر بكذا، أو كل يوم أو كل جمعة أو كل سنة بكذا، ولم يلزمِ الكراء لهما، فَلِكُلٍّ من المُتَكَارِيَيْنِ حَلُّهُ عن نفسه مَتَى شاءَ".
ومعلومٌ أيضا أنَّ قِيمَةَ الاشْتِراكِ تُدْفَعُ في آخِرِ كُلِّ شهرٍ، عند تحصيلِ قِيمَةِ الفاتورة المُستَحَقَّةِ على العميل نظيرَ الخدمة.
وتأسيسًا على ما سبق فإِذا أرادَتْ شرِكة الهاتِف النَّقَّال تعجيلَ دفْع قيمةِ ستَّة أشهُر كانت هذه وَجِيبةً مُستقِلَّةً، أي مدة مُحَدَّدَة لا تتجدَّدُ بنفس العقد (عقد الإجارة الجديد)، فمثلا إذا كانت قيمة الاشتراك الشهري خمسين ريالاً فيدفع العميل ثلاثمائة ريالٍ، نظيرَ إجارة جديدة مدتُها ستة أشهر، على أن يحصُل على الهبة المشروطة بالثواب (الهبة بشرط العوض).
وطلب تعجيلِ الإجارة لا شيء فيه؛ قال في "مطالب أولي النهى": "ويصِحُّ تعجيلُها - أي الأُجْرة - على مَحِلِّ استِحقاقِها، كما لو آجَر دارَه سنة خمس في سنة ثلاث، وشَرَطَ عليه تعجيلَ الأُجرة في يوم العقد".
أمَّا الهبة بشرط العِوض؛ كهِبَة الفقير إلى الغَنِيّ طمعًا في غِناه، فهذه هبةٌ بشرط الثواب وصُورَتها، مثلاً أن يقول: "إنني وهبتُ هذه الدار من فلانٍ بشرط أن يُعَوِّضني مائة ريالٍ، فقَبْلَ أن يقبِضَ المائة فإنَّ حُكمَ هذه كحُكم الهِبة، وبعدَ القبض فإنَّ حُكمها كحُكم البيع، فهي هِبَة ابتداء، وبيع انتهاء.
وذهب جمهور الفقهاء (الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة) وهو الأصحّ عند الشّافعيّة إلى جوازها، فإن تقابَضَا وجبت؛ لوجود معنى المُعَاوَضَةِ، قال خليل: "وجاز بشرط الثواب، ولزِمَ بتعيِينِه، وصُدِّقَ واهبٌ فيه إن لم يَشهدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ".
وقال ابنُ قُدامةَ في "المغني": "فإنْ شَرَطَ في الهبة ثوابًا معلومًا، صَحَّ، نَصَّ عليْهِ أحمدُ؛ لأنه تمليكٌ بعِوَضٍ معلومٍ، فهُو كالبيع، وحكمُها حُكمُ البيع، في ضَمانِ الدَّرَكِ، وثبوت الخيار والشُفْعَةِ، وبهذا قال أصحاب الرأي".
ولأصحاب الشافعيِّ قولٌ: أنَّه لا يَصِحُّ؛ لأنه شَرَطَ في الهبة ما يُنافِي مُقتَضاها، ولنا أنه تمليكٌ بِعِوَض، فصحَّ ما لو قال: مَلَّكْتُك هذا بدرهم".
قال: والأصلُ في هذا قولُ عمر رضي الله عنه: "مَنْ وَهَبَ هِبةً أراد بها الثواب، فهو على هبته، يَرْجِعُ فيها إذا لم يُرْضَ منها"، ورُوي معنى ذلك عن علي، وفضالة بن عبيد، وقد روى أبو هريرة: أنَّ أعرابيًا وَهَبَ للنبي صلى الله عليه وسلم ناقَةً، فأعطاه ثلاثًا فأبى، فزادَهُ ثلاثًا، فأَبَى، فزاده ثلاثًا، فلما كَمُلت تسعًا، قال: رضيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " اهـ. باختصار.
والحاصل؛ أن تلك الشركة قد أدخلت عقدَ إجارةٍ جديدًا - وَجِيبةً - يتمتع فيها العميل بهبةٍ مشروطةٍ بدفع الأجرة مقدمًا، وهو جائز إذا كان أصل العقد بين الشركة والعميل عَقْدَ مُشَاهَرةٍ؛ لأنها عقدٌ غيرُ لازمٍ، ولكل من المتعاقدين فسخُه متى شاء، وهذا ما ستفعله الشركة، تفسخ عقدَ المشاهَرةِ ثم تعقد وجيبةً لمدة ستة أشهر ثم تستأنف عقد المشاهرة مرة أخرى.
وأمَّا على فرض أن أصل العقد بين الشركة والعميل كان فترة من الزمن محددة - كسنتين أو ثلاث سنين ونحو ذلك - على أن كل شهر بكذا، فإذا عجَّل العميل بعض الأجرة قَبْلَ وقته والحال كذلك مقابل أخذ تلك الدقائق المجانية: فيكون جائزًا أيضًا من باب ضع وتعجل، وهو جائز عند الأكثر.
وعليه: فما قامت به الشركة المذكورة من الأمور مباح شرعًا، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف: