حكم بقاء الإرث دون قسمة ليستفيد منه بعض الورثة دون بعض
تَوَفَّى رجلٌ وَترك سيارةً كبيرةً، وبعضَ المال، وبيتاً، وخَلَّف عائلةً مكونة من ثلاثة أولاد وبنتين وزوجة، ولم يُقَسَّم الميراث، بل بقي البيت يسكنه الأبناء والزوجة، والسيارة يعمل عليها أحد الأبناء.
ومن دَخْلِ السيارة يُنفَق على الأم والأبناء وأولادهم، علماً بأن اثنين من الأبناء متزوجان، وعندهما أولاد، ولا يُعطَى البنتان أي شيء من هذا المال، فما حُكْم ذلك؟
وما المَخرج الشرعيُّ لِذلك، علماً بأن البنتين تستحيان أن تطالبا بمالهما؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنه لا يحق لأحد الورثة أن ينفرد بشيء من المال، سواء كان بيتاً أو سيارةً أو غيره؛ لأن جميع ما تركه الميت من ممتلكات ثابتة أو منقولة يُعَدُّ تَرِكَةً لجميع ورثته، ولا يَحِقُّ لبعضِهم الاسْتِئْثَار بشيء منه دون الآخرين، إلا إذا تنازل له الورثةُ عنه برضاهم وطيب نفوسهم، إن كانوا راشدين بالغين، وأما إذا استأثر البعض بشيءٍ دون الباقين، فعلى بقية الورثة مطالبته بأنصبائهم، فإن لم يستجب، فلهم رفع أمره للقاضي؛ ليلزمه بإعطاء الآخرين حقوقهم.
وبُنَاءً عليه؛ فإن ما تركه ذلك المُتَوَفَّى يُجمع كله، ويُقَسَّم بين ورثته الأحياء؛ فتُعْطَى الزوجة ثُمْن (1/8) جميع التركة فرضاً لوجود الفرع الوارث؛ لقول الله تعالى: {} [النساء:12].
وما بقي بعد فرض الزوجة يُقَسَّمُ على الأبناء تَعصِيباً، للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى؛ لقول الله تعالى: {} [النساء:11]؛ فتقسم التركة إلى ثمانية أسهم؛ فيُعطَى الذَّكر سَهمين والأنثى سَهماً واحداً.
وما دامت البنتان تستحيان من المطالبة بميراثهما، فيمكنهما أن يُوسِّطَا أَحداً من أهل الخير والصلاح، أو أحد الأقارب في هذا الأمر.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التَّرِكات شأنُهُ محفوف بالخطر، وشائكٌ للغاية، ومن ثَمَّ لا يمكن الاكتفاء فيه بفتوى، بل لا بد من أن تُرْفَع للمحاكِم الشَّرعِيَّةِ كي تَنْظُر فيها وتحقق، أو هيئة متخصصة في الإفتاء في بلدك، فقد تكون هناك وَصَايَا أو دُيونٌ أو حقوقٌ أخرى لا عِلْمَ لِلورثة بها، وهي مُقَدَّمَة على حق الورثة في المال؛ فننصحكم بمُرَاجعة المحكمة الشرعية أو لجنة الفتوى في بلدكم،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: