حكم العمل في بناء الكنائس

منذ 2012-03-17
السؤال:

أنا أعمل في المقاولات، وأحياناً يأتيني عمل في الكنائس؛ فأشارك في بنائها، أو تشطيبها، فهل هذا حرام؟

الإجابة:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يجوز للمسلم المشاركة في بناء الكنائس وغيرها من معابد الكفار؛ لما في ذلك من الإعانة الظاهرة على ما هم عليه من باطل، ولرؤية المنكر وإقراره، وعدم إنكاره، وقد وردت أدلة كثيرة تنهى عن الإعانة على المحرم، وتتوعد من أعان على محرم أن له من الإثم مثل ما على المرتكب؛ ومن هذه الأدلة قوله تعالى: {} [المائدة:2].

ومنها: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها" (رواه أحمد وأبو داود). ومن المعلوم أن العاصر والحامل والساقي إنما يعينون على شربها فقط، وبالرغم من ذلك لُعِنوا.

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه مسلم).
والإنكار بالقلب يتطلب مفارقة مكان المنكر والبعد عنه.

وقد نصَّ أهل العلم على أنه لا تجوز عمارة ما خَرب من كنائسهم؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": "وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه، فقال الآمدي: لا يجوز؛ رواية واحدة؛ لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة، أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكَتْب كتبهم المحرفة".

وقال تقي الدين السبكي: "إنه لم يكن قط شرع يَسُوغ فيه لأحد أن يبني مكاناً يكفر فيه بالله؛ فالشرائع كلها متفقة على تحريم الكفر؛ ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، والكنسية اليوم لا تتخذ إلا لذلك". وقال أيضاً: "فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع، وكذا ترميمها".

وقد نصَّ الفقهاء على أنه لو وصَّى ببناء كنيسة، فالوصية باطلة؛ لأن بناء الكنسية معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية – سواء كان الفاعل لذلك مسلماً أو كافراً- هذا شرع النبي، صلى الله عليه وسلم.

ومقصود الفقهاء من المنع، ألا يعاونهم المسلم على باطلهم؛ ولذلك مَنعوا من استئجار أوقاف الكنيسة؛ قال ابن تيمية: "وأما استئجار الأرض الموقوفة على الكنيسة، وشراؤه ما يباع للكنيسة، فقد أطلق أحمد المنع: أنه لا يستأجرها؛ لا يعينهم على ما هم فيه".

وقد أفتى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: بحرمة عمل المسلم لتصاميم معابد شركية، أو الإسهام فيها؛ كما في "مجلة المجمع" العدد الثالث.

وعليه: فلا يجوز لك مطلقاً المشاركة في بناء الكنائس، أو تشطيبها للأدلة السابقة، ولأن منفعة الإجارة لابد وأن تكون مباحة. والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام