حكم صلاة الجماعة
ما حكم صلاة الرجل في البيت؟
مع العلم أنني على هذه الحال منذ خمس سنوات، أصلي في البيت دائماً؛ لكسلي عن الذهاب إلى المسجد، ولكن عند وجودي قريباً من المسجد أصلي فيه؛ وهذا نادر، وأصلي الجمعة في المسجد، وأقوم الليل يومياً، ولله الحمد، لكني أخاف أن لا تقبل صلاتي في البيت.
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبةٌ وجوباً عينيّاً على من يسمع النداء، من الرجال القادرين -في أرجح أقوال أهل العلم- ويأثم تاركها؛ فمن صلى في بيته من غير عذر، فقد فاته أجر عظيم، وارتكب إثماً مبيناً؛ لأن الله -جل وعلا- يقول في كتابه: {} [النساء: 102]؛ فأمر الله تعالى بالجماعة حال الخوف (الحرب)؛ ففي غيره أولى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" (متفق عليه).
وما دام الرجل يسمع النداء فعليه أن يجيب؛ حيث لم يُرَخِّص النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الأعمى أن يصلي في بيته، بل قال له: "" قال: نعم. قال: "" (رواه مسلم).
وقال صلى الله عليه وسلم: "" (رواه ابن ماجه، عن ابن عباس).
وفي صحيح مسلم: أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من سَرَّه أن يلقى الله -تعالى- غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيث يُنادى بهن –أي: في المسجد- فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم، لضللتم، ولقد رأيتُنا، وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يُهادى بين الرجلين، حتى يقام في الصف".
هذا؛ ولا يُخِل بصلاة الجماعة إلا من ضَعُف إيمانُه، وحَرم نفسَه خيراً عظيماً، وهو آثم بفعله ذلك، بل مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وليعلم أن الأجر على قدر المشقة؛ ففي الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "".
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه مسلم).
وعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه، وكان لا تُخْطِئُه صلاة؛ فقيل له: لو اشتريت حماراً؛ تركبه في الظلماء، وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد؛ إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه مسلم).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "" (رواه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" (رواه مسلم).
قال الإمام الشوكاني في "السيل الجرار": "ولكن المحروم من حُرِم صلاة الجماعة؛ فإن صلاة يكون أجرها أجر سبع وعشرين صلاة، لا يعدل عنها إلى صلاةٍ ثوابُها جزءٌ من سبعة وعشرين جزءاً منها؛ إلا مغبون، ولو رضي لنفسه في المعاملات الدنيوية بمثل هذا، لكان مستحقاً لحجره عن التصرف في ماله؛ لبلوغه من السفه إلى هذه الغاية، والتوفيق بيد الرب سبحانه". اهـ.
وقد ذهب الظاهرية إلى أن صلاة الجماعة شرط في صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة بدونها، وهو رواية عن الإمام أحمد؛ كما ذهب بعض أهل العلم إلى أنها سنة مؤكدة، والراجح -فيما نرى- التوسط بين الفريقين، وهو القول بوجوب صلاة الجماعة، وأن من تركها من غير عذر يأثم بذلك كما تقدم، ولكن لايلزم عليه بطلان صلاته.
وبناءً عليه: فصلاتك التي صليتها في البيت صحيحة –إن شاء الله تعالى- مع كونك آثمًا بتركك للجماعة، فتب إلى الله، واستغفر من ذنبك، واندم على فعلك، واعزم على أن لاتعود إليه، ثبتنا الله وإياك على دينه،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: