عامل القطار الذي يسافر يوميا يقصر الصلاة

منذ 2012-04-20
السؤال:

أعمل في السكك الحديدية مشرفَ قطارٍ، وكل عملي في القطارات التي تتنقل في رحلاتها بين محافظات مصر؛ من الإسكندرية وحتى أسوان، فهل أقصر الصلاة كل يوم؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:

فإنه يشرع للمسافر سفراً مباحاً أن يقصر الصلاة في قول عامة أهل العلم، واختلفوا في المسافة المُبِيحَة للقصر.

فذهب جمهور أهل العلم إلى أنها تعدل ثلاثةً وثمانين كيلو متراً، وذهب البعض إلى أنها ثلاثة أميالٍ؛ لما روى الإمام مسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميالٍ، أو ثلاثة فراسخٍ؛ صلى ركعتين".

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المعتبر في مسافة القصر هو العُرْف؛ فما اعتبره الناس سفراً، جاز فيه القَصْر، وغيره من رخص السفر، واحتجُّوا بأنه لم يرد عن الشارع نصٌّ صريحٌ في تعيين المسافة، وأنَّ الأحاديث التي فيها مسافةٌ محددةٌ لا تفيد الشرطيَّة؛ لأنها حكايات أفعالٍ، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ابن قدامة رحمه الله في "المغني" قال: "إن التقدير بابه التوقيف؛ فلا يجوز المصير إليه برأيٍ مجرَّدٍ، لاسيما وأنه ليس له أصلٌ يردُّ إليه، ولا نظيرٌ يقاس عليه، والحجَّة مع مَنْ أباح القصر لكلِّ مسافرٍ، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه". انتهى.

وعليه: فإن المسافة التي تقطعها بين هذه المحافظات هي مسافة قصر -عند الجميع- فيسنُّ لك القصر والجمع بين الصلاتين، أي: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، تقديماً أو تأخيراً، ويجوز لك ذلك ما لم تَنْوِ الإقامةَ في أيٍّ من المحافظات التي تنتقل بينها فوق الأربعة أيام.

وكونك تُديمُ السفر –يوميّاً– فهذا لا يغيِّر من حكم المسألة شيئاً؛ لعموم النصوص الواردة في ذلك، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "" (رواه أحمد، وأصحاب السنن، عن أنس).

وكونه مُديماً للسفر لا يمنع الترخيص بالقَصْر وغيره، هو مذهب جمهور أهل العلم؛ من الحنفيَّة، والشافعيَّة، والمالكيَّة، وهو قول داود الظاهري، وابن حزم، ورجَّحه ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهما.

قال النووي رحمه الله: "والمَلاَّح الذي معه أهله وماله ويديم السير في البحر, والمَكَاري، وغيرهم, فكلهم لهم القصر؛ إذا بلغ سفرهم مسافةً لو قُدِّرَتْ في البرِّ بلغت ثمانيةً وأربعين ميلاً هاشميَّة". أي: ثلاثة وثمانين كيلو متراً,, هذا والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام