حكم صبغ الشَّعر للرجل
ماحكم صبغ الشَّعر للرجل؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ صبْغَ شَعر الرّجال جائز بأيّ لونٍ ماعدا الأسود؛ فقدِ اخْتَلف فيه أهل العلم، فمِنْهُم مَنْ قالَ بالكَراهةِ ومِنْهُم مَن حرَّمه، وقد وردت أحاديثُ كثيرةٌ في النَّهي عن صَبْغ الشعر بالسواد، منها: قوله صلى الله عليه وسلَّم: "" (رواه أحْمد عن أنس رضي الله عنه).
وقولُه صلى الله عليه وسلم: "" (رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ عنِ ابن عبَّاس).
قال في "الحاوي": "وأَمَّا خِضَابُ الشَّعْرِ فمُبَاحٌ بالحِنَّاءِ والكَتَمِ، ومَحْظُورٌ بالسَّوَادِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ في جِهَادِ العَدُوِّ، ولِرِوَايَةِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخِضَابِ بِالسَّوَادِ، وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ مُبْغِضٌ للشَّيْخِ الغِرْبِيبِ أَلا لا تُغَيِّرُوا هَذا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ، فَمَنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَاعِلاً فَبِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ" اهـ.
وقد ورد في فتاوى اللجنة الدائمة: "لا يَجوز أن يصبغ الرَّجُل لِحيَتَه بالسواد؛ لِورود الأمر باجتنابِه والنهي عن فعله ... ويُشرَع صبْغُ الشَّعر بالحنَّاء ونَحوه مِمَّا يكْسِب الشَّعر حُمرةً أو صُفرة؛ لِما ورد أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم كان يصبغ بالصفرة، ولِما روى مسلم أنَّ أبَا بكر اخْتَضَب بالحِنَّاء والكَتَم وأنَّ عُمَر اخْتَضب بالحِنَّاء؛ لقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "" (رواه الإمامُ أحْمد وأبو داود والنَّسائيّ والتّرمذيّ وصحَّحه) اهـ.
وذهبَ بعضُ العلماء إلى جواز ذلك للشَّباب دون غيْرِهم، واستدلّوا بِما لا يقوى على مُعارضة الأحاديث السَّابقة، وهو ما رُوِيَ عنِ ابْنِ شِهاب قال: "كُنَّا نخضِب بالسَّوَادِ إذْ كَانَ الوَجْه جَدِيدًا، فَلما نَغَض الوَجْه وَالأَسْنَان تَرَكْنَاهُ"؛ ذكره الحافظُ ابن حجر في "الفتح" وقد ضعَّفه الألبانيُّ في "تمام المنَّة" بقوله: هذا إن ثبتَ إسنادُه إلى الزُّهْريّ فلا حُجَّة فيه لأنَّه مقطوعٌ موقوفٌ عليْه، ولو أنَّه رفَعَه لَم يُحْتَجَّ به أيضًا لأنَّه يكون مُرْسَلاً.
فالرَّاجِحُ هو تَحريم صبْغِ الشَّعر بِالسَّواد؛ لأنَّ الأصْلَ في النَّهي التَّحريم إلا لصارفٍ، وليس في الباب -فيما نعلَم- صارفٌ، بالإضافة إلى أنَّ ذلك الوعيدَ المذكور في الحديث الأخير لا يُمْكِن أن يترتَّب إلا على فِعْلِ مُحرَّم، أو تَرْكِ واجب، كما هو مُقَرَّر عند أهْلِ الأُصول؛ قال النَّووي في "المجموع": "والصَّحيح بل الصواب أنَّه حرام" اهـ،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: