الإفطار في شهر رمضان بعذر
أنا رجلٌ مصابٌ بمرض السكري، وبتاريخ 20 رمضان الساعة الواحدة ليلًا أخذت حقنة أنسولين حسب ما هو مقرر من الطبيب بعدها نمت، ولم أقم للسحور، وقمت من النوم لصلاة الفجر، وعند الانتهاء من الصلاة، أحسست بتعب، وكثرة التعرُّق، وعندما قستُ مستوى السكر بواسطة الجهاز الطبي وجدت نسبة السكر منخفضة إلى حد كبير، بعدها سارعت بأخذ معلقتين من العسل، وذلك لرفع نسبة السكر. فما حكم إفطاري؟ هل هو متعمد؟ وبماذا ترشدونني؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فنسأل الله عز وجل أن يشفيك شفاءً لا يغادر سقمًا، وفي الجواب على سؤالك نقول: إن كان الأمر كما ذكرت، أن إفطارك كان بسبب انخفاض نسبة السكر، فلا إثم عليك فيه -إن شاء الله- لأنك معذورٌ، ولكن يجب عليك قضاء يومٍ مكان هذا اليوم؛ لقوله تعالى: {} [البقرة: 185]. قال ابن قدامة - في "المغني" (6 /149) -: "أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة. والأصل فيه قوله تعالى: {} [البقرة: 184]، والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يُخشى تباطُؤُ بُرْئِهِ. قيل لأحمد: متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مِثْلُ الحُمَّى؟ قال: وأيُّ مرضٍ أشدُّ من الحُمَّى، وَحُكِيَ عن بعض السلف: أنه أباح الفطر بكل مرض، حتى من وجع الإصبع والضرس؛ لعموم الآية فيه، ولأن المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتجْ إليه، فكذلك المريض. ولنا أنه شاهد للشهر، لا يؤذيه الصومُ، فلزمه، كالصحيح، والآية مخصوصة في المسافر والمريض جميعًا، بدليل أن المسافر لا يباح له الفطر في السفر القصير، والفرق بين المسافر والمريض، أن السفر اعتبرت فيه المظَنَّة، وهو السفر الطويل، حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها، فإن قليل المشقة لا يبيح، وكثيرها لا ضابط له في نفسه، فاعتُبِرت بمظَنَّتِها، وهو السفر الطويل، فدار الحكم مع المظنة وجودًا وعدمًا، والمرض لا ضابطَ له؛ فإن الأمراض تختلف، منها ما يضر صاحبه الصومُ، ومنها ما لا أثر للصوم فيه، كوجع الضرس، وجرح في الإصبع، والدمل، والقرحة اليسيرة، والجرب، وأشباه ذلك، فلم يصلح المرض ضابطًا، وأمكن اعتبار الحكمة، وهو ما يُخاف منه الضرر، فوجب اعتباره.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: