تأخير قضاء رمضان عشر سنوات

منذ 2012-08-08
السؤال:

ما حكم تأدية دين صوم رمضان لكن بعد مُرُور عشر سنوات؛ لكَوْني أجْرَيْتُ عمليَّة جراحيَّة في القلب؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فقد اتَّفَق العلماءُ على وُجُوب القضاء على كلِّ مَن أفطر في رمضان لعُذْر شرعيٍّ مِنْ مرَض وغيره -إن كان قادرًا على الصيام- قبل مجيء رمضان التالي؛ لحديث عَائِشة رضي الله عنها قالت: "" (متفق عليه).

قال الحافظ: وَيؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذلك في شَعْبَان: أَنَّهُ لا يجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يدْخُلَ رَمَضَان آخر". اهـ.

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار":
"وفي الحديث دلالةٌ على جواز تأخير قضاء رمضان مطلقًا، سواء كان لعُذْر أو لغير عُذر؛ لأن الزيادة - أعني قوله: "وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم" - قد جَزَم بأنها مدرجة جماعةٌ من الحفَّاظ؛ كما في "الفتح"، ولكن الظاهرَ اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، لا سيما مع توفُّر دواعي أزواجه إلى سؤاله عن الأحكام الشرعيَّة، فيكون ذلك - أعني: جواز التأخير- مقيدًا بالعذر المسوغ بذلك.

قال وقوله صلى الله عليه وسلم: "": استدل به وبما ورد في معناه مَن قال: بأنها تلزم الفدية من لم يصم ما فات عليه في رمضان حتى حال عليه رمضان آخر، وهم الجمهور، ورُوي عن جماعة من الصحابة؛ منهم: ابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة.

وقال الطحاوي عن يحيى بن أكثم قال: وجدته عن ستة من الصحابة، لا أعلم لهم مخالفًا". اهـ. موضع الحجة منه

أما كون الأخ الكريم قد أخَّرّ القضاء كل هذه السنوات، فهذا لا يخلو من حالَيْن:

الأول: أن يكون تأخُّركَ عن القضاء لعُذر مقبول شرعًا؛ كالمرض ونحوه، فلا إثم عليك -إن شاء الله- في التأخير؛ لأنك معذور، وليس عليك إلا القضاء فقط، ولا تجب عليكَ كفارة، فتقضي عدد الأيام التي أفطرتها.

الثاني: أن يكونَ تأخير القضاء بدون عُذر، وهو لا يجوز، ففي هذه الحالة يجب عليكَ التوبة إلى الله تعالى توبة نصوحًا، وتعزم على عدم العوْد إلى ذلك، مع القضاء، وقد أوجب الجمهور الكفارة، وهي إطعام مسكين، خلافًا للحنفيَّة، فلم يوجبوا إلا القضاء فقط، وقول الجمهور أحوط؛ قال ابن قُدامة في "المغني": وجُملة ذلك: أن مَن عليه صومٌ من رمضان، فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر؛ لما روتْ عائشة رضي الله عنها ولا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عُذر؛ لأنَّ عائشة رضي الله عنهالَم تؤخِّرْه إلى ذلك، ولو أمكنها لأخَّرتْه، ولأنَّ الصَّوم عبادة متكررة، فلم يجزْ تأخير الأولى عن الثانية، كالصلوات المفروضة، فإن أخرَّه عن رمضان آخر، نظرنا: فإن كان لعُذر، فليس عليه إلا القضاء، وإن كان لغير عذر، فعلَيْه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم، وبهذا قال ابن عباس، وابن عمر، وأبو هريرة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وقال الحسن والنخَعي وأبو حنيفة: لا فدْية عليه؛ لأنه صوم واجبٌ, فلم يجبْ عليه في تأخيره كفارة، كما لو أخَّر الأداء والنذر. اهـ،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام