حكم جعل المرأة مأذونًا شرعيًّا
ما حكم ما أُثِيرَ في الفترة الأخيرة في مصر عن السيدة التي تقدَّمتْ بِطَلب إلى مَحكمةِ الأسرة لتُصْبِح مأذونًا شرعيًّا، أريد أن أعرِفَ الحكم بالدليل؟
الحمدُ لله، والصلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الدَّوْر الأساسيَّ والعملَ الرَّئيسيَّ للمرأة هو تربيةُ أبنائِها ورعايتُهم، والقيامُ على مصالِح الزَّوج، وإعدادُ أجيالٍ صالحة للأُمَّة، مع قرارها في بيتها؛ استجابةً لقوله تعالى: {} [الأحزاب: 33].
فإنْ كانتِ المرأةُ في حاجةٍ ماسَّةٍ للعَمَلِ لعَدَمِ وُجود مَن يكفُلُها من زوجٍ أو أب وغيرِهِما، جازَ لها العمل فيما يُناسب أُنوثتَها وطبيعتَها الخِلقية والفطريَّة والنفسيَّة؛ كالعمل في مجال التَّعليم، وتطْبيب النِّساء، والإدارة لبناتِ جِنْسِها، وما شابَهَ.
أمَّا امتِهانُها لوظائفَ لا تُناسِبُ طبيعتَها، وتؤدِّي بِها إلى مفاسدَ عظيمةٍ، استجابةً لدعاوى دُعاة التَّغريب المُنادين بِمساواة المرأةِ للرَّجُل في الأعمال-: فلا يخفى ما فيه من مُصادمةِ الشرع والفطرة السليمة وصريح المعقول.
ومِنَ المِهَنِ التِي لا تتناسبُ وطبيعة المرأةِ مِهنةُ المأذون -وهو من يقوم بتدوين بيانات الزوجين وتوقيعهما مع الشهود، وتسليم ما يكتبه من وثائق للجهات المختصة- وهِيَ مِهنةٌ قاصرةٌ على الرَّجال مُنْذُ عُقودٍ كثيرة، ولَم يَحدثْ في عصرٍ من عُصور القُوَّة ولا الضَّعف إسناد المأذونية لأُنثَى! كما أنَّه ليس هناك ما يُلْجِئ لذلك إلا تبنِّي الفِكْرِ الغربي والدَّعوة المشبوهة بِمساواة المرأة للرجل، والانهزام أمام حضارة الغرب ومُحاولة إرضائه، وتنفيذ إملاءاته على حساب الشريعة الإسلاميَّة، ومخالفة الإلف والعادة التي جرى عليها الناس، وإثارة الجدل والفتن، ومنْ ثَمَّ تجد الداعين لهذا هُم مَن يطالب بِمساواة الرجُل بالمرأة في الميراث والدِّية، والحُقوق والواجبات، والدعوة لتولي القضاء والفُتيا والإمامة، وهم الداعون لتطبيق توصيات مؤتَمر السكان في بكّين والقاهرة المُنابذَة للشَّريعة.
قال الأستاذُ الدُّكتور نصر فريد واصل مُفتي الدِّيار المصريَّة الأسبق: "لا يجوز تَوَلِّي المرأة لوظيفة المأذونيَّة؛ لتعارُضها مع قواعد الشَّرع؛ في حدوث الاختِلاط والخلْوة ومُزاحَمة مُجتمع الرجال، والفَصل بين المتشاحنِين من أهل العروسَيْنِ أثناءَ كِتابةِ العقْدِ، أو في حالات الطلاقِ، أو في غيْرِها من الأمور التي يأباها الشرع، ويُنَزِّه المرأة المسلمة عن التعرُّض لِمِثل هذه المُمارسات، مِمَّا يَجعلُ تَوَلِّيَها هذا المنصِب أمرًا غيْرَ مرغوبٍ فيه من النَّاحية الشرعيَّة".
وقال: "إنَّ النَّاس اعتادوا إبرامَ عقود الزَّواج بالمساجد اقتداءً بسُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم من أسوان إلى الإسكندريَّة، ولن يَقبَل المُجتمع الإسلامي بكُلِّ ما لديه من أعرافٍ وتقاليدَ أن توجَد امرأةٌ في مثل هذه التجمُّعات من أجل إبرام عقود الزَّواج أو الطَّلاق، مِمَّا يجعل الأمْرَ شبهَ مستحيل من الناحية الواقعيَّة".
وعليه؛ فلا يَجوز لِلمرأة امتهان تلك المهنة؛ لمُصادمتِها لتقاليد مُجتمعاتِنا الإسلامية وأعرافِه، التي لا تَقبل أن تكون المرأة مأذونةً، والمجتمعُ ليس في حاجةٍ ماسَّة لهذا التغيير،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: