ما وجه الجمع بين قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}، وقوله عليه الصلاة السلام: "وإن هم بسيئة فلم يعملها"؟
قرأت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ""، فأشكل علي هذا الحديث مع قوله تعالى: {}، فكيف الجمع بين الآية والحديث؟
الحمد لله
أولاً: لا تعارض بين ما جاء في القرآن وبين ما جاء في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهما جميعاً من الله تعالى، وقد قال سبحانه: {} [النساء:82].
ثانياً: والجمع بين الآية والحديث أن يقال: إن عموم الحديث مخصوص بالآية، فيحمل الحديث: "" على غير الحرم، فيكون المعنى: أن الإنسان يؤاخذ على الهم السيئ في الحرم، وأما في غير الحرم فلا يؤاخذ.
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن خواصه أنه يعاقب فيه على الهم بالسيئات وإن لم يفعلها، قال تعالى: {} [الحج: 25]، فتأمل كيف عدى فعل الإرادة هاهنا بالباء، ولا يقال: أردت بكذا إلا لما ضمن معنى فعل "همّ"، فإنه يقال: هممت بكذا، فتوعد من همّ بأن يظلم فيه بأن يذيقه العذاب الأليم" انتهى من "زاد المعاد " (1 / 51).
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "قال بعض أهل العلم: من همَّ أن يعمل سيئة في مكة: أذاقه الله العذاب الأليم بسبب همِّه بذلك، وإن لم يفعلها، بخلاف غير الحرم المكي من البقاع فلا يعاقب فيه بالهمّ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لو أن رجلاً أراد بإلحاد فيه بظلم وهو بِعَدَنٍ أَبْيَن لأذاقه الله من العذاب الأليم"، وهذا ثابت عن ابن مسعود، ووقفه عليه أصح من رفعه، والذين قالوا هذا القول استدلوا له بظاهر قوله تعالى: {} لأنه تعالى رتَّب إذاقة العذاب الأليم على إرادة الإلحاد بالظلم فيه ترتيب الجزاء على شرطه، ويؤيد هذا قول بعض أهل العلم إن الباء في قوله (بإلحاد) لأجل أن الإرادة مضمنة معنى الهمِّ، أي: ومن يهم فيه بإلحاد، وعلى هذا الذي قاله ابن مسعود وغيره.
فهذه الآية الكريمة مخصِّصة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {} الحديث، وعليه: فهذا التخصيص لشدة التغليظ في المخالفة في الحرم المكي، ووجه هذا ظاهر " انتهى من "أضواء البيان" (4 / 294، 295).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إن قوله: "" هذا في غير مكة وتكون مكة مستثناة من ذلك، أي: أنه يؤاخذ الإنسان فيها بالهمّ، وفي غيرها لا يؤاخذ" انتهى من "لقاء الباب المفتوح".
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
موقع الإسلام سؤال وجواب
- التصنيف: