ما الذي علي دراستُه من الفقه والحديث والعقيدة
أنا أريدُ دراسةَ السياسة والاقتصاد الإسلامي؛ لذلك ينبغي عليَّ أن تكونَ عندي قاعدةٌ قويةٌ من العلم الشرعي؛ أنا أحفظُ القرآنَ كاملاً، وأريد معرفةَ ما عليَّ دراستُه من الفقه والحديث والعقيدة، وقد نظرتُ في منهج معهد إعداد الدعاة بمصر، فوجدت للحديثِ "بلوغ المرام"، وللعقيدةِ "معارج القبول، وللفقه "منار السبيل"، فما رأي حضراتكم في هذا المنهج؟ مع العلم أنه إذا كان جيِّدًا، فإني أريدُ استبدالَ كتابِ "منار السبيل"؛ إما بكتابٍ في الفقهِ الشافعي، أو كتابٍ عامٍّ؛ مثل: "فقه السنة"، فما رأيُكم؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فشكر اللهُ لك حِرصَك على طلب العلم الشرعي، والسعي في خدمة الإسلام والمسلمين من خلالِ طلب العلم، ثم نشره والدعوة إلى الله، ونَسْأَلُ الله -تعالى- أن يرزُقَنا وإيَّاك الهدى والاستقامة، والثبات على الخير، وأن يُيَسِّرَ لنا ولك تحصيلَ العِلْمِ النافع، والعَمَلَ به، وأُبشِّرك بقول الله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وقول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: « »؛ (رواه أحمد وابن حبان عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - وصحَّحَهُ الألباني) .
وقبل أن نتكلَّمَ عن منهجِ الطلب؛ أذكر لك نبذةً يسيرة في آدابِ طالِبِ العِلم، التي يجب الحرصُ على تحصيلِها؛ ومن هذه الآداب:
أولاً: الإخلاص في الطَّلب؛ ففي حديثِ كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: « »؛ (رواه الترمذي) .
ثانيًا: الصبر على الطلب، وتحمُّل العناء فيه؛ فقد عقد الدارمي في سننِه: "باب: الرحلة في طلبِ العلم واحتمال العناء فيه"، وقال البخاري: "باب الخروجِ في طلبِ العلم، ورحل جابر بن عبدالله مسيرة شهر إلى عبدالله بن أنيس في حديث واحد".
ثالثًا: اختيار من يُتعلَّمُ على أيديهم؛ فلا بدَّ من ملازمةِ شيخٍ ورع سليم المعتقد، عالمٍ بما يدرس؛ فقد قال الخطيبُ البغدادي: "ينبغي للمتعلِّم أن يقصدَ من الفقهاء من اشتهر بالديانة، وعرف بالستر والصيانة"، وروى بسنده عن محمد بن سيرين قال: "إنما هذا العلم دين، فانظروا عمَّنْ تأخذونه"؛ ورواه مسلم في المقدمة.
رابعًا: تجنب تلقي العلم من الكتبِ فقط؛ فقد قال الخطيبُ: "ويكون قد أخذ فقهه من أفواهِ العلماء، لا من الصحف".
وأورد عن سليمان بن موسى قال: "لا تقرؤوا القرآنَ على المصحفيين، ولا تأخذوا العلمَ من الصُّحفيين".
خامسًا: التواضع؛ فقد روى الخطيبُ البغدادي بسندِه إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "مكثتُ سنة وأنا أريدُ أن أسألَ عمرَ بن الخطاب عن آية، فلا أستطيعُ أن أسألَه هيبة".
سادسًا: التدرج في طلبِ العلم، فتبدأ بصغارِه قبل كباره، ثم لترتقِ في العلومِ شيئًا فشيئًا، بحسب ما يفتحُ الله عليك، وعليك أن توازنَ بين العلوم، فلا تكون دراستك قاصرةً على علمٍ واحد، وألاَّ تطغى دراسةُ أحدِ فنون العلم على باقي الفنون.
ولمعرفة المزيد من آدابِ طالب العلم؛ يمكنك مراجعة "حلية طالب العلم" للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد -رحمه الله- "وأدب الطلب" للشوكاني، "وتذكرة السامع والمتكلم" لابن جماعة.
وأمَّا المنهجُ المختار لطالبِ العلم في أولى مراحلِ الطلب:
- في العقيدة: تبدأ بكتابِ "الإيمان" للدكتورِ محمد نعيم ياسين، أو "شرح كتاب التوحيد" للعلامة العثيمين، أو بسلسلة كتب: "العقيدة في ضوء الكتاب والسنة" للدكتور عمر الأشقر.
- وفي التفسير: "تيسير الكريم الرحمن" للشيخِ السعدي، أو "زبدة التفسير" للدكتور محمد الأشقر، أو "مختصر تفسير ابن كثير" لمحمَّد نسيب الرِّفاعي، مع "مقدمةٍ في التفسير" لشيخِ الإسلام ابن تيمية.
- وفي الحديث: "شرح الأربعين النووية" للإمام النووي، أو "عمدة الأحكام" وشرحه "تيسير العلام" للشيخِ عبدالله البسَّام، ثم "بلوغ المرام" للحافظِ ابن حجر العسقلاني.
- وفي السيرة: "نور اليقين في سيرةِ سيد المرسلين" للخضري، أو "الرحيق المختوم".
- وفي النحو: "التحفة السنية في شرحِ المقدمة الآجرومية" لمحمد محيي الدين عبدالحميد، أو "النحو المصفَّى" لمحمد عيد، أو "مختصر قواعد اللغة العربية" لفؤاد نعمة، أو "معجم قواعد اللغة العربية" لأنطوان الدحداح.
- وفي أصولِ الفقه: "الواضح" للدكتور محمد سليمان الأشقر، أو "الوجيز" لعبدالكريم زيدان، أو "أصول الفقه" لأبي زهرة.
- وفي مصطلحِ الحديث: "نزهةُ النَّظرِ شرح نخبة الفكر" للحافظِ ابن حجر، أو شرح ابن عثيمين على المنظومةِ البيقونية.
- وفي الرقائق: "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة، و"الداء والدواء" لابن القيم.
أمَّا المنهجُ الذي ذكرته، فهو مناسبٌ أيضًا في المرحلة الأولى.
هذا؛ وننصحُ الأخَ السائل بالاستماعِ إلى أشرطةِ العلماء التي تشرحُ هذه العلوم؛ وخصوصًا أشرطةَ العلامة محمد بن صالح العثيمين، والشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: