صعق الدجاج قبل ذبحه
هنا في المجر يذبحون الدجاج ذبحاً عادياً بالآلة المعدة للذبح ولكن قبل الذبح تتعرض الدجاجة لصعق كهربائي بسيط لا يؤدي إلى قتل الدجاج ولكن بعض المهتمين بهذه الأمور يقولون أن نسبة الفاقد بسبب الصعق قبل عملية الذبح من 15-25%. فما حكم هذه الذبائح؟
إِنْ صَحَّ قَوْلُ هَؤُلاَءِ بِأَنَّ الصَّعْقَ بِالْكَهْرُبَاءِ يُمِيْتُ رُبُعَ الدَّجَاجِ قبل ذَبْحِهِ -وَلاَ بُدَّ مِنَ التَّحَرِّي حَتَّى لاَ تُحَرِّمَ عَلَى النَّاسِ حَلالاً- فَالَّذِي نَرَاهُ أَنَّهُ إن لَمْ يَكُنْ مُضْطَّرًا لِشِرَاءِ الْمَذْبُوحِ فَلْيَشْتَرِ الدَّجَاجَ الْحَيَّ وَلْيَذْبَحْهُ فِي بَيْتِهِ إِنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي كَوْنِ مَا يَأْكُلُهُ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْمَيْتَةِ.
فَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ غُلِّبَ الْحَرَامُ، قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: لَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إلاَّ مَا نَدَرَ. قَالَ السُّيُوطِيّ: خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ:
مِنْهَا: مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَنْ الْحَرَامِ لا يَحْرُمُ فِي الأَصَحِّ لَكِنْ يُكْرَهُ، وَكَذَا الأَخْذُ مِنْ عَطَايَا السُّلْطَانِ إذَا غَلَبَ الْحَرَامُ فِي يَدِهِ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: إذَا اشْتَرَى مِمَّنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ وَحَلالٌ كَالسُّلْطَانِ الظَّالِمِ وَالْمُرَابِي، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ حَلالِ مَالِهِ فَهُوَ حَلالٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ فَهُوَ حَرَامٌ; لأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الإِنْسَانِ مِلْكُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْمِنْ أَيِّهِمَا هُوَ كَرِهْنَاهُ لاحْتِمَالِ التَّحْرِيمِ فِيهِ، وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ; لإِمْكَانِ الْحَلالِ، قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، وَهَذَا هُوَ الشُّبْهَةُ، وَبِقَدْرِ قِلَّةِ الْحَرَامِ وَكَثْرَتِهِ تَكُونُ كَثْرَةُ الشُّبْهَةِ وَقِلَّتُهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: لا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، لَمَا رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «
».وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «
» وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَمِنْ بَيْنِهِمْ الْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّعَامُلُ مَعَ مَنْ غَالِبُ مَالِهِ مِنْ الْحَرَامِ.وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِ حَرَامٌ: إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْدُرُ الْخَلاصُ مِنْهُ لَمْ تَجُزْ مُعَامَلَتُهُ، مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ إنْسَانٌ بِأَنَّ فِي يَدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ كُلَّهَا حَرَامٌ إلاَّ دِينَارًا وَاحِدًا، فَهَذَا لا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ بِدِينَارٍ لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْحَلالِ، كَمَا لا يَجُوزُ الاِصْطِيَادُ إذَا اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ بَرِّيَّةٌ بِأَلْفِ حَمَامَةٍ بَلَدِيَّةٍ، وَإِنْ عُومِلَ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارِ أَوْ اُصْطِيدَ بِأَكْثَرَ مِنْ حَمَامَةٍ فَلا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَإِنْ غَلَبَ الْحَلالُ بِأَنْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَلالٍ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ بِأَلْفِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ اخْتَلَطَتْ أَلْفُ حَمَامَةٍ بَرِّيَّةٍ بِحَمَامَةٍ بَلَدِيَّةٍ فَإِنَّ الْمُعَامَلَةَ صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، وَكَذَلِكَ الاِصْطِيَادُ.
ثُمَّ قَالَ: وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ مِنْ قِلَّةِ الْحَرَامِ وَكَثْرَتِهِ مَرَاتِبُ مُحَرَّمَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمُبَاحَةٌ، وَضَابِطُهَا: أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَشْتَدُّ بِكَثْرَةِ الْحَرَامِ وَتَخِفُّ بِكَثْرَةِ الْحَلالِ، فَاشْتِبَاهُ أَحَدِ الدِّينَارَيْنِ بِآخَرَ سَبَبُ تَحْرِيمٍ بَيِّنٍ، وَاشْتِبَاهُ دِينَارٍ حَلالٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ حَرَامٍ سَبَبُ تَحْرِيمٍ بَيِّنٍ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قِلَّةِ الْحَرَامِ وَكَثْرَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَلالِ، فَكُلَّمَا كَثُرَ الْحَرَامُ تَأَكَّدَتْ الشُّبْهَةُ، وَكُلَّمَا قَلَّ خَفَّتْ الشُّبْهَةُ، إلَى أَنْ يُسَاوِيَ الْحَلالُ الْحَرَامَ فَتَسْتَوِي الشُّبُهَاتُ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي "الْمُغْنِي":
إِذَا اشْتَبَهَ الْمُبَاحُ بِالْمَحْظُورِ، فِيمَا لا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، لَمْ يَجُزِ التَّحَرِّي.
فَإذَا اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ فِي مِائَةٍ، أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتٍ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ التَّحَرِّي، وَإِنْ كَثُرَ الْمُبَاحُ،
وَأَمَّا إذَا اشْتَبَهَتْ فِي نِسَاءِ مِصْرٍ، فَإِنَّهُ يَشُقُّ اجْتِنَابُهُنَّ جَمِيعًا، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ.
(7489) مَسْأَلَة قَالَ الْخِرَقِيُّ: (وَمَنْ طَلَبَ الأَمَانَ لِيَفْتَحَ الْحِصْنَ، فَفَعَلَ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَنَا الْمُعْطِي. لَمْ يُقْتَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) فَإِنْ أَشْكَلَ الَّذِي أُعْطِيَ الأَمَانَ، وَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ، فَإِنْ عُرِفَ صَاحِبُ الأَمَانِ، عُمِلَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَمْ يَجُزْ قَتْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ; لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْتَمِلُ صِدْقُهُ، وَقَدْ اشْتَبَهَ الْمُبَاحُ بِالْمُحَرَّمِ فِيمَا لا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، فَحَرُمَ الْكُلُّ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةِ، أَوْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، أَوْ اشْتَبَهَ زَانٍ مُحْصَنٌ بِرِجَالٍ مَعْصُومِينَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلا أَعْلَمُ فِيهِ خِلافًا.
وَفِي "الْفُرُوعِ" لابْنِ مُفْلِحٍ الْحَنْبَلِيِّ:
قَوْلُهُ: وَإِذَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ الْمَالِ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا وَحَلالاً كَمَنْ فِي مَالِهِ هَذَا وَهَذَا:
فَقِيلَ بِالتَّحْرِيمِ، قَطَعَ بِهِ شَرَفُ الإِسْلامِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ، وَقَالَ الأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الاِنْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الأَوَانِي،
وَالثَّانِي: إنْ زَادَ الْحَرَامُ عَلَى الثُّلُثِ حَرُمَ الْكُلُّ وَإِلاَّ فَلا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الأَكْثَرُ الْحَرَامُ حُرِّمَ وَإِلاَّ فَلا، قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا: إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ هَلْ تَحْرُمُ مُعَامَلَتُهُ؟ أَمْ تُكْرَهُ، عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَالرَّابِعُ: عَدَمُ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا، قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، لَكِنْ يُكْرَهُ، وَتَقْوَى الْكَرَاهِيَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ (قُلْتُ ): الصَّحِيحُ الأَخِيرُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ. اهـ.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي "الفَتَاوَى الكُبْرَى":
1035 - 11 مَسْأَلَةٌ: فِي الَّذِينَ غَالِبُ أَمْوَالِهِمْ حَرَامٌ مِثْلُ: الْمَكَّاسِينَ، وَأَكْلَةِ الرِّبَا، وَأَشْبَاهِهِمْ، وَمِثْلُ أَصْحَابِ الْحِرَفِ الْمُحَرَّمَةِ: كَمُصَوِّرِي الصُّوَرِ، وَالْمُنَجِّمِينَ، وَمِثْلُ أَعْوَانِ الْوُلاةِ، فَهَلْ يَحِلُّ أَخْذُ طَعَامِهِمْ بِالْمُعَامَلَةِ أَمْ لا ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا كَانَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَلالٌ وَحَرَامٌ فَفِي مُعَامَلَتِهِمْ شُبْهَةٌ لا يُحْكَمُ بِالتَّحْرِيمِ إلاَّ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مَا يَحْرُمُ إعْطَاؤُهُ، وَلا يُحْكَمُ بِالْخَلاصِ إلاَّ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ الْحَلالِ،
فَإِنْ كَانَ الْحَلالُ هُوَ الأَغْلَبُ لَمْ يُحْكَمْ بِتَحْرِيمِ الْمُعَامَلَةِ. وَإِنْ كَانَ الْحَرَامُ هُوَ الأَغْلَبُ قِيلَ بِحِلِّ الْمُعَامَلَةِ وَقِيلَ بَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ.
فَأَمَّا الْمُعَامِلُ بِالرِّبَا فَالْغَالِبُ عَلَى مَالِهِ الْحَلالُ إلاَّ أَنْ يُعْرَفَ الْكُرْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ أَلْفًا بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ فَالزِّيَادَةُ هِيَ الْمُحَرَّمَةُ فَقَطْ.
وَإِذَا كَانَ فِي مَالِهِ حَلالٌ وَحَرَامٌ وَاخْتَلَطَ لَمْ يَحْرُمْ الْحَلالُ، بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْحَلالِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ لِشَرِيكَيْنِ فَاخْتَلَطَ مَالُ أَحَدِهِمَا بِمَالِ الآخَرِ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اخْتَلَطَ بِمَالِهِ الْحَلالِ الْحَرَامُ أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَالْبَاقِي حَلالٌ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الشَّافِعِيُّ فِي "قَوَاعِدِ الأَحْكَامِ فِي مَصَالِحِ الأَنَامِ":
فَإِنْ قِيلَ: مَا تَقُولُونَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِ حَرَامٌ، هَلْ تَجُوزُ أَمْ لا ؟
قُلْنَا: إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْدُرُ الْخَلاصُ مِنْهُ لَمْ تَجُزْ مُعَامَلَتُهُ، مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ إنْسَانٌ أَنَّ فِي يَدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ كُلَّهَا حَرَامٌ إلاَّ دِينَارًا وَاحِدًا، فَهَذَا لا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ، لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْحَلالِ، كَمَا لا يَجُوزُ الاِصْطِيَادُ إذَا اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ بَرِّيَّةٌ بِأَلْفِ حَمَامَةٍ بَلَدِيَّةٍ، وَإِنْ عُومِلَ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارِ أَوْ اصْطِيَادِ أَكْثَرَ مِنْ حَمَامَةٍ فَلا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ،
وَإِنْ غَلَبَ الْحَلالُ بِأَنْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَلالٍ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ بِأَلْفِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ اخْتَلَطَتْ أَلْفُ حَمَامَةٍ بَرِّيَّةٍ بِحَمَامَةٍ بَلَدِيَّةٍ فَإِنَّ الْمُعَامَلَةَ صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ. وَكَذَلِكَ الاِصْطِيَادُ، وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ مِنْ قِلَّةِ الْحَرَامِ وَكَثْرَتِهِ مَرَاتِبُ مُحَرَّمَةٌ، وَمَكْرُوهَةٌ، وَمُبَاحَةٌ، وَضَابِطُهَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَشْتَدُّ بِكَثْرَةِ الْحَرَامِ وَتَخِفُّ بِكَثْرَةِ الْحَلالِ، فَاشْتِبَاهُ أَحَدِ الدِّينَارَيْنِ بِآخَرَ سَبَبُ تَحْرِيمٍ بَيِّنٍ، وَاشْتِبَاهُ دِينَارٍ حَلالٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ حَرَامٍ سَبَبُ تَحْرِيمٍ بَيِّنٍ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قِلَّةِ الْحَرَامِ وَكَثْرَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَلالِ فَكُلَّمَا كَثُرَ الْحَرَامُ تَأَكَّدَتْ الشُّبْهَةُ، وَكُلَّمَا قَلَّ خَفَّتْ الشُّبْهَةُ إلَى أَنْ يُسَاوِيَ الْحَلالُ الْحَرَامَ فَتَسْتَوِي الشُّبُهَاتُ، وَسَنَذْكُرُ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مُسْتَقْصًى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ المِرْدَاوِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي"الإِنْصَافِ فِي مَعْرِفَةِ الرَّاجِحِ مِنْ الْخِلافِ " :
لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ: لَمْ يَتَحَرَّ لِلنِّكَاحِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ: يَتَحَرَّى فِي عَشَرَةٍ. وَلَهُ النِّكَاحُ مِنْ قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ وَبَلْدَةٍ. وَفِي لُزُومِ التَّحَرِّي وَجْهَانِ.
قَالَ فِي الْفَائِقِ: لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ بَلَدٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ نِكَاحِهِنَّ، وَيُمْنَعُ فِي عَشْرٍ. وَفِي مِائَةٍ وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: يَتَحَرَّى فِي مِائَةٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرَ جَازَ لَهُ الإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ. وَلا يَحْتَاجُ إلَى التَّحَرِّي عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِلَحْمِ أَهْلِ مِصْرَ أَوْ قَرْيَةٍ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ مِنْ الأَجْنَبِيَّاتِ. مُنِعَ مِنْ التَّزَوُّجِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، حَتَّى يَعْلَمَ أُخْتَهُ مِنْ غَيْرِهَا. انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّهُ لا يَجُوزُ حَتَّى يَتَحَرَّى.
وَلَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمَا، وَلَمْ يَتَحَرَّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَالْحَرَامُ بَاطِنًا: الْمَيْتَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا حَرَامٌ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِنْ جَوَازِ التَّحَرِّي فِي اشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مِثْلُهُ فِي الْمَيْتَةِ بِالْمُذَكَّاةِ.
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا شَاتَانِ: لا يَجُوزُ التَّحَرِّي. فَأَمَّا إذَا كَثُرْنَ: فَهَذَا غَيْرُ هَذَا. وَنَقَلَ الأَثْرَمُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: فَثَلاثَةٌ ؟ قَالَ: لا أَدْرِي.
الرَّابِعَةُ: لا مَدْخَلَ لِلتَّحَرِّي فِي الْعِتْقِ وَالصَّلاةِ. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ
وَقاَلَ السُّيُوْطِيُّ فِي "الأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ":
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ.
قَالَ ابْنُ السُّبْكِيِّ: الْقَاعِدَةُ فِي نَفْسِهَا صَحِيحَةٌ.
قَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ: لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إلاَّ مَا نَدَرَ.
فَمِنْ فُرُوعِهَا:
إذَا تَعَارَضَ دَلِيلانِ: أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالآخَرُ الإِبَاحَةَ قُدِّمَ التَّحْرِيمُ فِي الأَصَحِّ:
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عُثْمَانُ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْجَمْع بَيْن أُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِين: "أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ. وَالتَّحْرِيمُ أَحَبُّ إلَيْنَا" وَكَذَلِكَ تَعَارُض حَدِيثِ «
» (صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (212) عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: « »، وَذَكَرَ مُؤَاكَلَةَ الْحَائِضِ أَيْضًا. (وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ)، وَحَدِيثِ « » فَإِنَّ الأَوَّلَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ مَا بَيْن السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَالثَّانِي يَقْتَضِي إبَاحَةَ مَا عَدَا الْوَطْءِ، فَيُرَجَّحُ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا. [قُلْتُ: وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنَ التَّرْجِيْحِ]. قَالَ الأَئِمَّةُ: وَإِنَّمَا كَانَ التَّحْرِيمُ أَحَبَّ لأَنَّ فِيهِ تَرْكُ مُبَاحٍ لاجْتِنَابِ مُحَرَّمٍ. وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ.وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَبَهَتْ مَحْرَمٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ لَمْ تَحِلّ.
وَمِنْهَا: مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَأْكُولُ، وَالآخَرُ غَيْرُ مَأْكُولِ. لا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَلَوْ قَتْلَهُ مُحْرِمٌ فَفِيهِ الْجَزَاءُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ فِي الْجَانِبَيْنِ.
وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ بَعْضُ الشَّجَرَةِ فِي الْحِلِّ، وَبَعْضُهَا فِي الْحُرْمِ: حَرُمَ قَطْعُهَا.
وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَكَ فِي الذَّبْح مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ، أَوْ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ سَهْمُ وَبُنْدُقَةٍ: لَمْ يَحِلَّ.
وَمِنْهَا: عَدَمُ جَوَازِ وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَبَهَ مُذَكًّى بِمَيْتَةٍ، أَوْ لَبَنُ بَقَرٍ بِلَبَنِ أَتَانٍ أَوْ مَاءٌ وَبَوْلٌ: لَمْ يَجُزْ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلا بِالاِجْتِهَادِ،مَا لَمْ تَكْثُرْ الأَوَانِي كَاشْتِبَاهِ الْمَحْرَمِ.
وَمِنْهَا: لَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِغَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ، وَلا بِاجْتِهَادٍ، سَوَاءٌ كُنَّ مَحْصُورَاتٍ أَمْ لا بِلا خِلافٍ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
وَمِنْ صُوَرِهِ: أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهِمًا، فَيُحَرَّمَ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّعْيِينِ أَوْ يُسَلِّمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، فَيُحَرَّمَ قَبْلَ الاخْتِيَارِ.
وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: إذَا أَخَذَ الْمَكَّاسُ مِنْ إنْسَانٍ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِ الْمَكْسِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ قَدْرَ دَراهِمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُخْتَلَطِ. لا يَحِلُّ لَهُ إلاَّ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُمْ.
وَمِنْهَا: لَوْ انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَوْق الْعَادَةِ، وَجَاوَزَ الْحَشَفَة أَوْ الصَّفْحَةَ، فَإِنَّهُ لا يُجْزِي الْحَجْرَ فِي غَيْرِ الْمُجَاوِز أَيْضًا.
وَمِنْهَا: لَوْ وَقَفَ جُزْءًا مِنْ أَرْضٍ مُشَاعًا مَسْجِدًا: صَحَّ. وَوَجَبَ الْقِسْمَةُ، وَلا يَجُوزُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِلْجُنُبِ الْمُكْثَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَلا الاِعْتِكَافَ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ فِي الْجَانِبَيْنِ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلاحِ فِي فَتَاوِيهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ رَمَى الصَّيْدَ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ، أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ، حَرُمَ لِحُصُولِ الْمَوْتِ بِالسَّهْمِ وَالسَّقْطَةِ. وَخَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَة فُرُوعٌ:
مِنْهَا: الاِجْتِهَادُ فِي الأَوَانِي وَالثِّيَابِ، وَالثَّوْبِ الْمَنْسُوخِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ يَحِلُّ إنْ كَانَ الْحَرِيرُ أَقَلَّ وَزْنًا، وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الأَصَحّ، بِخِلافِ مَا إذَا زَادَ وَزْنًا.
وَمِنْهَا: لَوْ رَمَى سَهْمَا إلَى طَائِرٍ فَجَرَحَهُ، وَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَإِنْ أَمْكَنَ إحَالَةَ الْمَوْتِ عَلَى الْوُقُوعِ عَلَى الأَرْضِ ; لأَنَّ ذَلِكَ لا بُدَّ مِنْهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ.
وَمِنْهَا: مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ لا يَحْرُمُ فِي الأَصَحِّ، لَكِنْ يُكْرَهُ وَكَذَا الأَخْذُ مِنْ عَطَايَا السُّلْطَانِ إذَا غَلَبَ الْحَرَامُ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْكَرَاهَةُ، لا التَّحْرِيمُ، خِلافًا لِلْغَزَالِيِّ.
وَمِنْهَا: لَوْ اعْتَلَفَتْ الشَّاةُ عَلَفًا حَرَامًا لَمْ يُحَرَّمْ لَبَنهَا وَلَحْمُهَا، وَلَكِنَّ تَرْكَهُ أَوَرَعُ. نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْغَزَالِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مُسْتَهْلَكًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ ; فَلَوْ أَكَل الْمُحْرِمُ شَيْئًا قَدْ اسْتَهْلَكَ فِيهِ الطَّيِّبَ فَلا فِدْيَةَ، وَلَوْ خَالَطَ الْمَائِعُ الْمَاءَ بِحَيْثُ اسْتَهْلَكَ فِيهِ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ كُلُّهُ فِي الطَّهَارَة "
وَلَوْ مُزِجَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِمَاءٍ بِحَيْثُ اسْتَهْلَكَ فِيهِ، لَمْ يُحَرَّمْ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ، وَلَكِنْ لَمْ يَشْرَبْ الْكُلَّ، وَلا يَجُوزُالْقِرَاضُ عَلَى الْمَغْشُوشِ. قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَهْلَكًا.
وَمِنْهَا: لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ: فَلَهُ النِّكَاحُ مِنْهُنَّ.
وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مَمْلُوك بِمُبَاحٍ لا يَنْحَصِرُ. جَازَ الصَّيْدُ وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ غَيْرَ مَحْصُورٍ أَيْضًا فِي الأَصَحِّ. قَالَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ: وَمِنْ الْمُهِمِّ: ضَبْطُ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ. فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَقَلَّ مَنْ بَيَّنَهُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالتَّقْرِيبِ، فَكُلُّ عَدَدٍ لَوْ اجْتَمَعَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، لَعَسُرَ عَلَى النَّاظِرِينَ عَدُّهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَر. كَالأَلْفِ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ. وَمَا سَهُلَ، كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ فَهُوَ مَحْصُورٌ، وَبَيْن الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ مُتَشَابِهَةٌ، تُلْحَق بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِالظَّنِّ، وَمَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ اُسْتُفْتِيَ فِيهِ الْقَلْبُ.
وَلَوْ مَلَكَ الْمَاءَ بِالاِسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ انْصَبَّ فِي نَهْرٍ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلا يُمْنَعُ النَّاسُ مِنْ الاِسْتِقَاءِ. وَهُوَ فِي حُكْمِ الِاخْتِلاطِ بِغَيْرِ الْمَحْصُورِ.
قَالَ فِي الإِحْيَاءِ: وَلَوْ اخْتَلَطَ فِي الْبَلَدِ حَرَامٌ لا يَنْحَصِرُ. لَمْ يَحْرُمْ الشِّرَاءُ مِنْهُ، بَلْ يَجُوزُ الأَخْذُ مِنْهُ، إلاَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ عَلامَة عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْحَرَامِ.
أحمد حطيبة
طبيب أسنان وإمام وخطيب مسجد نور الإسلام بباكوس - الإسكندرية - مصر
- التصنيف:
- المصدر: