التجسس على المسلمين لصالح العدو.. رؤية شرعية

منذ 2014-12-07
السؤال:

كنت أتحدث مع زميل لي وكان يتحدث عن من يتجسس لصالح دولة ما تعادي الإسلام، فقلت له: إن هذه مصيبة كبرى، فكيف يُتجَسس على مسلم يريد أن يصلح أمور المسلمين؟ وكيف تُخبَر عنه السلطات؟ ولكني لم أذكر حكم هذا الشخص الذي يَتجَسس، ويحاول الصد عن سبيل الله، فقلت لزميلي: لا أعلم الحكم، ويغلب على ظني أن هذا كفر؛ لأنه رضي بانتشار الكفر، وحاول منع انتشار الحق، فما رأيكم؟ جزاكم الله خيرًا.

 

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالتجسس على المسلمين لصالح أعدائهم إذا اقترن بحب الكفر وأهله، وإرادة علوه على الإسلام، فهذا كفر مخرج من الملة - والعياذ بالله - وأما إذا كان لمجرد طمع في دنيا فهو جرم عظيم وكبيرة من الكبائر، قال الدكتور سعيد القحطاني في رسالته الولاء والبراء:التجسس خيانة عظمى، وكبيرة من الكبائر إذا فعله المسلم, وهو من صور موالاة الكفار التي يتراوح الحكم فيها بين الكفر المخرج من الملة إذا كان تجسسه حبًّا في انتصار الكفار وعلو شوكتهم على المسلمين، وبين الكبيرة من كبائر الذنوب إذا كان لغرض شخصي أو دنيوي أو جاه أو ما أشبه ذلك اهــ. 

وقال الدكتور عبد الله الجبرين في كتابه تسهيل العقيدة الإسلامية: إعانة الكفار على المسلمين، سواء أكانت بالقتال معهم، أم بإعانتهم بالمال أو السلاح، أم كانت بالتجسس لهم على المسلمين، أم غير ذلك تكون على وجهين: الوجه الأول: أن يعينهم بأي إعانة؛ محبةً لهم, ورغبةً في ظهورهم على المسلمين، فهذه الإعانة كفر مخرج من الملة, وقد حكى غير واحد من أهل العلم إجماع العلماء على ذلك, الوجه الثاني: أن يُعين الكفارَ على المسلمين بأي إعانة، ويكون الحامل له على ذلك مصلحة شخصية، أو خوف، أو عداوة دنيويّة بينه وبين من يقاتله الكفار من المسلمين، فهذه الإعانة محرمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولكنها ليست من الكفر المخرج من الملة, ومن الأدلة على أن هذه الإعانة غير مكفرة: ما حكاه الإمام الطحاوي من إجماع أهل العلم على أن الجاسوس المسلم لا يجوز قتله, ومقتضى ما حكاه الطحاوي أنه غير مرتد, ومستند هذا الإجماع قصة حاطب بن أبي بلتعة اهـ.

ثم إن تكفير الشخص المعين إن فعل ما هو كفر لا بد فيه من تحقق الشروط وانتفاء الموانع, ومن ثم لا يجوز الإقدام عليه إلا لمن كان أهلا لذلك. 

والله أعلم.