ما حكم قلب المرأة عباءتها في صلاة الاستسقاء؟

منذ 2015-03-08
السؤال:

ما حكم قلب المرأة عباءتها في صلاة الاستسقاء؟

 

الإجابة:

الأصل عموم الأحكام للرجال والنساء، وثبت أنه عليه الصلاة والسلام حول رداءه، وهذا الحديث حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين «أنه استقبل القبلة، فحول رداءه» (1). أي حوّل رداءه أثناء استقبال القبلة عليه الصلاة والسلام، وجاء أيضًا  حديث جيد عند أبي داوود من عند عبد الله بن زيد «أنه عليه الصلاة والسلام كان عليه رداء أو جبّةٌ، فأراد أن يقلبها، ليجعل أعلاها أسفلها فثقلت عليه، فجعل ظاهرها باطنها، وباطنها ظاهرها» (2). جعل الباطن الظاهر، والظاهر الباطن، وهذا رواه أبو داوود بإسناد جيد كما تقدم، وجاء في رواية عند أحمد بإسناد جيد، برواية محمد بن إسحاق، صرح بالتحديث –في رواية عبد الله بن زيد، «أنه عليه الصلاة والسلام حول رداءه، وحول الناس معه» (3). والناس عام للرجال والنساء.

فمشروعية تحويل المرأة لردائها من جهتين، من جهة أن الأصل عموم الأدلة للرجال والنساء، ثم أمر آخر من جهة المعنى أن تحويل الرداء من باب التفاؤل ليس من باب القصد إليه، لكن كما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه حول رداءه، جاء في مرسل من رواية محمد بن جعفر أنه قيل «حول رداءك يتحول القحط» (4). فإن ثبت هذا فيكون قصدًا لهذا على سبيل التفاؤل خصوصًا.

وإلا فلا يجوز القصد إلى التفاؤل، إنما إذا حصل لك شيءٌ من الأمور سمعتها فأنت لا بأس أن تتفاءل بهذا الشيء الذي سمعته، أما أن تقصد إلى التفاؤل قصدًا، مثل من يفتح المصحف مثلًا، فيقرأ مثلًا آيةً، أو يفتح كتابًا يقرأ شيئًا، يكون فيه شيء مما يتفاءل به في عمل، هذا نوعٌ من الطيرة، لكن المشروع هو إذا عرض لك أمرٌ من الخير سماعًا، وأنت لم تقصد إليه، فهذا لا بأس أن تتفاءل به، مثل حينما تخرج مثلا أنت في سفر، وراكب في الطريق، وتسمع شخص ينادي “يا سالم، يا سالم”، تتفاءل مثلا بالسلامة في سفرك هذا، لأنك أنت لم تقصد إلى التفاؤل.

وثبت في الصحيح عند الترمذي وغيره «أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعجبه إذا خرج إلى حاجته أن يسمع يا راشد يا نجيح» (5). وجاء في أخبار ما يدل على هذا المعنى، في سيره وسؤاله أحيانا عن بعض الأماكن وبعض الجبال، في أخبار بعضها ضعيف، وبعضها محتمل، وهذه الأخبار أشار إليها ابن القيم رحمه الله، في كتابه الذي ألفه طريق الهجرتين، في آخره، أشار إلى شيء من هذه المعاني (6).

فأقول المسألة هذه، ومسألة قلب الرداء من جهة المعنى، هذا للرجال والنساء، كما أنه يتفاءل الرجل والمرأة كذلك، وكل في حاجة، بل ضرورة إلى فضله سبحانه وتعالى، فيتفاءلون بهذا، ثم دليلٌ آخر، وهو الأقوى وهو عموم قوله عليه الصلاة والسلام الذي ورد في قوله «أن تحوّل الناسُ معه». 

ثبت في الحديث الصحيح «أن أم سلمة حدثت أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر، وهى تمتشط:  أيها الناس. فقالت لماشطتها. لفي رأسي. قالت: فقالت: فديتك إنما يقول: أيها الناس. قلت: ويحك أو لسنا من الناس» (7). لأن الناس من ناس، ينوس، وهو من الحركة، أي من جهة تحركهم، أو من الأنس.

فالمقصود أنه لا بأس به فيما يظهر، لكن ينبغي أن يعلم أن هذا إذا لم يترتب عليه تكشف، فإذا كانت المرأة مثلا في مكان مكشوف في الصحراء، فصلوا في الصحراء، ففي الغالب أن هذا قد يشق على المرأة وربما يتكشف شعرها، لكن لو كان عليها مثلًا عباءة وعليها خمار، وفوق الخمار خمار آخر، أي زيادة، فقلبته لا بأس، أما إذا كانت تخشى انكشاف شعرها أو ذلك فلا، إلا إذا كانت في مكان مستور، إذا صلوا في المسجد، والنساء في المسجد، فلا بأس أن تقلب عباءتها ونحو ذلك مما جاء جنسه في السنة كما تقدم.

_________________________________________________________

(1) أخرجه البخاري: (972) مسلم: (894).

(2) أبو داود: (1164).

(3) أخرجه أحمد (16512).

(4) روي مرفوعا وفيه “وحول رداءه ليتحول القحط” أخرجه الدارقطني: 2/ 66 (‏1569‏) والبيهقي في الكبرى:  (6211) والحاكم (1216).

(5) أخرجه الترمذي (1616). والطبراني في المعجم الصغير: (549).

(6) مفتاح دار السعادة (2/ 247). قال ابن القيم ” كان يتفاءل بالحسن من الأشياء ….”.

(7) أخرجه أحمد (26588) ومسلم: (2295).

عبد المحسن بن عبد الله الزامل

داعية في إدارة شؤون التوعية بالسعودية وحاصل على بكالريوس في التربية من جامعة الملك سعود