وسُئِلَ:هَل جَمِيعُ الْخَلْقِ يَمُوتُونَ حتى....
منذ 2006-12-01
السؤال: وسُئِلَ: هَل جَمِيعُ الْخَلْقِ حَتَّى المَلاَئِكَةِ يَمُوتُونَ
؟
الإجابة: الذي عليه أكثر الناس: أن جميع الخلق يموتون حتى الملائكة، وحتى
عزرائيل ملك الموت، وروى في ذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه
وسلم.
والمسلمون واليهود والنصارى متفقون على إمكان ذلك وقدرة اللّه عليه، وإنما يخالف في ذلك طوائف من المتفلسفة، أتباع أرسطو وأمثالهم، ومن دخل معهم من المنتسبين إلى الإسلام، أو اليهود، والنصارى، كأصحاب [رسائل إخوان الصفا] وأمثالهم ممن زعم أن الملائكة هي العقول والنفوس، وأنه لا يمكن موتها بحال، بل هي عندهم آلهة وأرباب لهذا العالم.
والقرآن وسائر الكتب تنطق بأن الملائكة عبيد مدبرون، كما قال سبحانه: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا} [النساء: 172]، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:26-28]، وقال: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} [النجم: 62].
واللّه سبحانه قادر على أن يميتهم ثم يحييهم، كما هو قادر على إماتة البشر والجن ثم إحيائهم.
وقد قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ} [الروم: 27].
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه وعن غير واحد من الصحابة أنه قال: ، وفي رواية: " ،، وفي رواية: "" أي: أزيل الفزع عن قلوبهم ، فقد أخبر في هذه الأحاديث الصحيحة أنهم يُصْعَقُون صَعْق الغشي، فإذا جاز عليهم صعق الغشى جاز صعق الموت، وهؤلاء المتفلسفة لا يجوزون لا هذا ولا هذا، وصعق الغشى هو مثل صعق موسى عليه السلام قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143].
والقرآن قد أخبر بثلاث نفخات:
نفخة الفزع ذكرها في سورة النمل في قوله: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} [النمل: 87].
ونفخة الصعق والقيام ذكرهما في قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 68]
.
وأما الاستثناء فهو متناول لمن في الجنة من الحور العين، فإن الجنة ليس فيها موت، ومتناول لغيرهم.
ولا يمكن الجزم بكل من استثناه اللّه، فإن اللّه أطلق في كتابه.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: . وهذه الصعقة قد قيل: إنها رابعة، وقيل: إنها من المذكورات في القرآن.
وبكل حال: النبي صلى الله عليه وسلم قد توقف في موسى، وهل هو داخل في الاستثناء فيمن استثناه اللّه أم لا ؟ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر بكل من استثنى اللّه، لم يمكنا نحن أن نجزم بذلك، وصار هذا مثل العلم بوقت الساعة، وأعيان الأنبياء، وأمثال ذلك مما لم يخبر به، وهذا العلم لا ينال إلا بالخبر، واللّه أعلم، وصلى اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)
والمسلمون واليهود والنصارى متفقون على إمكان ذلك وقدرة اللّه عليه، وإنما يخالف في ذلك طوائف من المتفلسفة، أتباع أرسطو وأمثالهم، ومن دخل معهم من المنتسبين إلى الإسلام، أو اليهود، والنصارى، كأصحاب [رسائل إخوان الصفا] وأمثالهم ممن زعم أن الملائكة هي العقول والنفوس، وأنه لا يمكن موتها بحال، بل هي عندهم آلهة وأرباب لهذا العالم.
والقرآن وسائر الكتب تنطق بأن الملائكة عبيد مدبرون، كما قال سبحانه: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا} [النساء: 172]، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:26-28]، وقال: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} [النجم: 62].
واللّه سبحانه قادر على أن يميتهم ثم يحييهم، كما هو قادر على إماتة البشر والجن ثم إحيائهم.
وقد قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ} [الروم: 27].
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه وعن غير واحد من الصحابة أنه قال: ، وفي رواية: " ،، وفي رواية: "" أي: أزيل الفزع عن قلوبهم ، فقد أخبر في هذه الأحاديث الصحيحة أنهم يُصْعَقُون صَعْق الغشي، فإذا جاز عليهم صعق الغشى جاز صعق الموت، وهؤلاء المتفلسفة لا يجوزون لا هذا ولا هذا، وصعق الغشى هو مثل صعق موسى عليه السلام قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143].
والقرآن قد أخبر بثلاث نفخات:
نفخة الفزع ذكرها في سورة النمل في قوله: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} [النمل: 87].
ونفخة الصعق والقيام ذكرهما في قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 68]
.
وأما الاستثناء فهو متناول لمن في الجنة من الحور العين، فإن الجنة ليس فيها موت، ومتناول لغيرهم.
ولا يمكن الجزم بكل من استثناه اللّه، فإن اللّه أطلق في كتابه.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: . وهذه الصعقة قد قيل: إنها رابعة، وقيل: إنها من المذكورات في القرآن.
وبكل حال: النبي صلى الله عليه وسلم قد توقف في موسى، وهل هو داخل في الاستثناء فيمن استثناه اللّه أم لا ؟ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر بكل من استثنى اللّه، لم يمكنا نحن أن نجزم بذلك، وصار هذا مثل العلم بوقت الساعة، وأعيان الأنبياء، وأمثال ذلك مما لم يخبر به، وهذا العلم لا ينال إلا بالخبر، واللّه أعلم، وصلى اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)
- التصنيف: