سُئِلَ عن الميزان‏:‏ هل هو عبارة عن العدل‏,‏ أم له كفتان‏؟‏

منذ 2006-12-01
السؤال: سُئِلَ عن الميزان‏:‏ هل هو عبارة عن العدل‏,‏ أم له كفتان‏؟‏
الإجابة: الميزان‏:‏ هو ما يوزن به الأعمال‏,‏ وهو غير العدل كما دل على ذلك الكتاب والسنة مثل قوله تعالى‏:‏‏{‏‏فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏8‏]‏‏,‏ ‏{‏‏وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏9‏]‏‏,‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏47‏]‏‏.
‏‏
‏‏ وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏‏"‏كلمتان خفيفتان على اللسان‏,‏ ثقيلتان في الميزان‏,‏ حبيبتان إلى الرحمن‏:‏ سبحان اللّه وبحمده‏,‏ سبحان اللّه العظيم‏".‏ وقال عن ساقي عبد اللّه بن مسعود‏:‏ ‏‏"‏لَهُمَا في الميزان أثقل من أحُدٍ‏!‏‏"‏‏‏.‏
وفي الترمذي وغيره حديث البطاقة‏,‏ وصححه الترمذي‏,‏ والحاكم‏,‏ وغيرهما‏:‏ "في الرجل الذي يؤتى به فينشر له تسعة وتسعون سِجِلًا‏,‏ كل سجل منها مَدُّ البصر‏,‏ فيوضع في كِفَّة‏,‏ ويؤتى له ببطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا اللّه. قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏فَطَاشَتِ السجلات‏,‏ وثَقُلَتِ البطاقة‏"‏‏‏.
‏‏
‏‏ وهذا وأمثاله مما يبين أن الأعمال توزن بموازين تبين بها رجحان الحسنات على السيئات وبالعكس‏,‏ فهو ما به تبين العدل‏.‏
والمقصود بالوزن‏:‏ العدل‏,‏ كموازين الدنيا‏.‏

‏‏ وأما كيفية تلك الموازين فهو بمنزلة كيفية سائر ما أخبرنا به من الغيب‏.‏

‏‏ قال الشيخ‏:‏ وأطفال الكفار أصح الأقوال فيهم‏: ‏"‏اللّه أعلم بما كانوا عاملين‏"‏‏ كما أجاب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ‏.
‏‏
‏‏ وطائفة من أهل الحديث وغيرهم قالوا‏:‏ إنهم كلهم في النار‏,‏ وذكر أنه من نصوص أحمد وهو غلط على أحمد‏.
‏‏ وطائفة جزموا بأنهم كلهم في الجنة‏,‏ واختار ذلك أبو الفرج ابن الجوزي وغيره‏,‏ واحتجوا بحديث فيه "رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى إبراهيم الخليل وعنده أطفال المؤمنين، قيل‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ وأطفال المشركين‏؟‏ قال‏:‏ ‏وأطفال المشركين‏"‏‏‏.‏

‏‏ والصواب أن يقال‏:‏ ‏‏"‏اللّه أعلم بما كانوا عاملين‏",,‏ ولا نحكم لمُعَيَّن منهم بِجَنَّة ولا نار‏,‏ وقد جاء في عدة أحاديث‏:‏ ‏‏"‏أنهم يوم القيامة في عَرَصات القيامة يؤمرون وينهون‏,‏ فمن أطاع دخل الجنة‏,‏ ومن عصى دخل النار‏"‏‏‏.‏
وهذا هو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن ‏[‏أهل السنة والجماعة‏]‏‏.‏
والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء‏,‏ وهي الجنة والنار‏.
‏‏
‏‏ وأما عرصات القيامة‏,‏ فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ‏,‏ فيقال لأحدهم‏:‏ من ربك‏؟‏ وما دينك‏؟‏ ومن نبيك‏؟‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ‏}‏‏ الآية ‏[‏القلم‏:‏42‏]‏‏.
‏‏
‏‏ وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تَجَلى اللّه لعباده في الموقف‏,‏ إذا قيل‏:‏"ليَتْبَع كلُّ قوم ما كانوا يعبدون‏,‏ فيتبع المشركون آلهتهم‏,‏ ويبقى المؤمنون‏,‏ فيتجلى لهم الرب في غير الصورة التي يعرفون فينكرونه‏,‏ ثم يتجلى لهم في الصورة التي يعرفونها‏,‏ فيسجد له المؤمنون‏,‏ وتبقى ظهور المنافقين كقرون البقر‏,‏ يريدون السجود فلا يستطيعون‏"‏‏‏.‏
وذكر قوله‏:‏ ‏{‏‏يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ‏}‏‏ ‏.‏
والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع‏,‏ واللّه أعلم‏.
‏‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)