التخلف عن الجماعة للحراسة
السَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاتُه،
أنا أعمل بالحراسة من الساعة العاشرة والنِّصْف مساء وحتَّى السَّادسة والنِّصْف صباحًا، ولا أستطيع أن أصلِّي صلاة الفجْر جماعة في المسجِد، فأصلِّي في مكان عملي منفردًا، وفي بعْض الأحْيان مع زميل لي في العمل، فما هو رأي الشَّرع في ذلك؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالأصْلُ وجوب صلاة الجماعة على الأعْيان، وقد سبق ذلك في الفتوى: "حكم صلاة الجماعة".
ولا يَجوز التخلُّف عنْها إلاَّ في حالة وجود عُذرٍ يُبيح التخلُّف عنْها، ومن هذه الأعْذار: حِراسةُ ما لَو تُرِك بدون مُراقبةٍ لضاع، وقد سبق تفْصيل الحكم في الفتوى: "التخلف عن الجماعة عند العذر".
قال أبو محمد بن حزم في "المحلى" - بعد ما ذكر فرضية صلاة الجماعة -: "ومن العذر للرجال في التخلف عن الجماعة في المسجد: المرض، والخوف، والمطر، والبرد، وخوف ضياع المال، وحضور الأكل، وخوف ضياع المريض، أو الميت، وتطويل الإمام حتى يضر بمن خلفه، وأكل الثوم، أو البصل، أو الكراث ما دامت الرائحة باقية، ويمنع آكلوها من حضور المسجد، ويؤمر بإخراجهم منه ولا بد". اهـ موضع الحجة منه.
وجاء في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: "... ولكن إذا وُجِد عذرٌ شرعي لدى مَن تجِب عليْه الجمُعة، كأن يَكون مسؤولاً مسؤوليَّة مباشرة عن عمَل يتَّصل بأمن الأمَّة، وحفْظ مصالحها، يتطلَّب قيامه عليْه وقْت صلاة جمعة، كحال رجال الأمْن والمرور، والمخابرات اللاَّسلكيَّة والهاتفيَّة ونحوهم، الَّذين عليهم النَّوبة وقت النِّداء الأخير لصلاةِ جمعة، أو إقامة الصَّلاة جماعة - فإنَّه وأمثاله يُعْذَر بذلِك في ترْك الجمُعة والجماعة؛ لعموم قول الله - سبحانه -: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقول رسولِ الله - عليه الصَّلاة والسَّلام -: « »، ولأنَّه ليس بأقلَّ عذرًا ممَّن يعْذر بترك الجمعة والجماعة ما دام العذر قائمًا، غير أنَّ ذلك لا يسقط عنْه فرض الظُّهْر، بل عليه أن يصلِّيَها في وقتها، ومتى أمْكن فعلُها جماعة، وجَبَ ذلك كسائر الفروض الخمْسة". اهـ.
وسُئِل الشَّيخ العثيمين عن حُكْم تخلُّف الحارس للأسْواق عن صلاة الجماعة، فقال:
"مَن كانت هذه حاله، وكان مسؤولاً عن حراسة الأسواق والأحياء، فإنَّه معذور بترك الجماعة، وقد نصَّ على ذلك أهل العلم - رحِمهم الله - فذكروا في أعْذار الجماعة: مَن كان موكَّلاً بحراسة مال، أو بستان، أو نحو ذلك، وحراسة الأحْياء عن الشَّرِّ والفساد حاجةُ النَّاس إليها أعظم من حاجة صاحب البستان إلى حِراسة بستانه، وعلى هذا؛ فيكون هذا الرَّجُل الموكل بحراسة الأحْياء معذورًا بترك الجماعة، ولكن يَجب عليه أن يصلِّي الصَّلاة في وقتها، ولا يحلُّ له تأْخيرها عن الوقت، وعليْه؛ فتجب مراعاة التَّناوب بين الحرَّاس ليتمكَّن كلٌّ منْهم من أداء الصلاة في الوقْت"،،
والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: