الطريقة الصحيحة لختان الإناث
استفساري هو عن ختان بنات المُسلمين، أحتاج لِمعرفة الطريقة الصحيحة لِخِتان البنات المسلمات، فلقد سمعتُ أنه بمُجَرَّد استئصال ولو جزءًا صغيرًا من البظْر، يتم قطْعُ جميع الأعصاب الحسِّيَّة الجنسيَّة للفتاة، فهل هذا صحيح؟
وما الطريقة المُثلى التي علَّمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمِّ حبيبة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فالختان مِن سُنن الفطرة؛ لتضافُر الأحاديث على ذلك، وقد بيَّنَّا حكمه مفَصلاً في فتوى: "حكم ختان الإناث".
واعلمي أن ختان الإناث الشرعي هو قطع جزء من الجلْدة في أعلى الفرْج، وهي ما يُعرف بالقلفة عند الأنثى.
قال الإمام ابن القَيِّم في "تحفة المودود بأحكام المولود": "وأمَّا خفض المرأة، فهو قطع جلدة في الفرْج، فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل كالنواة، ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها".
وفي مشروعيَّة ختان الأنثى تقويم لفِطْرتها، وأنه من محاسن الفطرة، وله أثره المحمود في ضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة، لا سيما في سنِّ المراهقة، التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "وإذا حصل المبالغة في الختان، ضعفت الشهوة، فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة، حصل المقصود باعتدال". اهـ.
قال الإمام ابن القيم في "تحفة المودود بأحكام المولود": فما ينكر أن يكون قطع هذا الطرف علَمًا على عبوديَّة صاحبه لله - سبحانه - حتى يعرف الناس أن من كان كذلك، فهو من عبيد الله الحنفاء، فيكون الختان علَمًا لهذه السُّنَّة التي لا أشرف منها، مع ما فيه من الطهارة والنظافة والزينة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطتْ ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإن عدمتْ بالكلِّيَّة ألحقته بالجمادات، فالختان يعدلها. اهـ.
قال المُناوي في "فيض القدير":
الخافضة إذا استأصلتْ جلدة الختان ضعفتْ شهوة المرأة، فكرهت الجماع، فقلَّتْ حظوتها عند حليلها، كما أنها إذا تركتها بحالها فلم تأخذ منها شيئًا، بقيتْ غلمتها، فقد لا تكتفي بجماع زوجها، فتقع في الزنا، فأخْذُ بعضها تعديلٌ للشهوة والخِلْقة. اهـ.
أما ما سمعتِ عنه، من أنَّ عمليَّة الختان تَتَسَبَّب في قطع جميع الأعصاب الحسيَّة الجنسيَّة للفتاة - فغير صحيح؛ لأنَّ الأعصاب المسؤولة عن الإحساس موجودة في البظر، وليس في الجلدة التي تغطِّيه، والختان يزيل تلك الجلدة التي تغطِّي الأعصاب الحسية فقط؛ أي: إن الختان يجعل الأعصاب أكثر سطحيَّة وفاعليَّة، وأيضًا فإنَّ هذه الجلدة (القلفة) تتجمع تحتها إفرازات تسمى اللخن، فإذا تجمعتْ نتنت رائحتها؛ لذا فقد أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإزالتها.
وقد جاء في "جريدة اللواء الإسلامي" الخميس 12 رجب 1415هـ ، 15 ديسمبر 1994م: إنَّ القول بأن هناك أضرارًا تحدُث للإناث بعد عمليات الختان، مردود بأن نفس المضاعفات تحدث عند ختان الذكور، وأن هذه الأضرار سببها ليس الختان في حدِّ ذاته، وإنما الممارسات الخاطئة من بعض الجُهَلاء غير المتخصِّصين، ولو أن مَن يقوم بإجراء هذه العملية اتَّبَع الكيفية الصحيحة التي علَّمها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأم عطية خاتنة المدينة - ما حدث أي ضرر.
وقد أكَّد كثيرٌ من الأطباء أن أضرار ختان الأنثى ناتج عن المبالغة في القطع - كما ذكرنا - والذي نهى عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أو عن إجراء الختان بأدوات غير مُعقَّمة، أو بأيد غير خبيرة، وليس عن الختان الشرعي نفسه.
ولذلك فإذا تَمَّ إجراء الختان على نحو ما أشارتْ إليه الأحاديث، فلن يحدثَ أيُّ ضرر.
يقول د. حامد الغوابي - مدير مركز رعاية الأمومة والطفولة - في مقال له بعنوان: "ختان البنات بين الطب والإسلام" وهو في كتاب الختان؛ لأبي بكر عبدالرازق: "فانظر إلى كلمة: «
»؛ أي: لا تستأصلي، أليست هذه معجزة تنطق عن نفسها، فلم يكن الطب قد أظهر شيئًا عن هذا العضو الحساس (البظر)، ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه، لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي علَّمه الخبيرُ العليم، عرف ذلك الأمر، فأَمَر بألا يستأصل العُضو كله".ويقول أيضًا: "تتراكَم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ، ويكون لها رائحة كريهة، وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل، وقد رأيت حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات".
يقول د. محمد علي البار، عضو الكليات الملكية للأطباء بالمملكة المتحدة، ومستشار قسم الطب الإسلامي بمركز الملك فهد للبحوث الطبيَّة، جامعة الملك عبدالعزيز بجدة:
هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأما ما يتم في مناطق من العالَم مِن أخذ البظر بكامله، أو البظْر مع الشفرين الصغيرين، أو حتى مع الشفرين الكبيرين أحيانًا - فهو مخالف للسُّنَّة، ويؤدِّي إلى مضاعفات كثيرة، وهو الختان المعروف بـ"الختان الفرعوني"، وهو على وصْفه لا علاقة له مُطلقًا بالختان الذي أَمَر به النبي - صلى الله عليه وسلم - لذا فإنَّ الضَّجَّة المُفتَعَلة ضد ختان البنات لا مُبَرر لها؛ لأنَّ المُضاعفات التي يَتَحَدَّثون عنها ناتجة عن شيئَيْن لا ثالث لهما: مُخالفة السُّنَّة، وإجراء العملية دون طهارة مسبقة، ومن قبَل غير ذوي الخبرة من الجاهلات، فالختان الشرعي له فوائده: فهو اتِّباع لسُنَّة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وطاعة لأمره، خاصة وأنه من شعائر الإسلام، وفيه ذهاب الغلمة والشبق عن المرأة، وما في ذلك من المحافظة على عفَّتها، وفيه وقاية من الالتهابات الجرثوميَّة التي تتجمع تحت القلفة النامية".
وقال: "والختان في النِّساء سُنَّة، ويقطع شيء من البظر، والبظر في المرأة يُقابل القضيب في الرجل، إلا أن حجمه صغير جدًّا، ولا تخترقه قناة مجرى البول، وعلى البظر قلفة، وإن كانت صغيرة، ولها عُيُوب القلفة في الرجل، إذ تتجمع فيها الإفرازات، وتنمو الميكروبات، والبظر عضوٌ حساسٌ جدًّا مثل حشفة القضيب، وهو عضو انتصابي كذلك، ولا شك أنه مما يزيد الغلمة والشبق، وذلك من دواعي الزنا إذا لم يتسنَّ الزواج، ومع هذا فقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الخاتنة أن تزيلَ شيئًا يسيرًا من البظر، ولا تخفض؛ حتى لا تصابَ المرأة بالبرود الجنسي، فقد روتْ أم عطية قوله - صلى الله عليه وسلم -: « »، وقالتْ ميمونة أم المؤمنين - رضي الله عنها -: "إذا خفضت فأشمِّي (أي: ارفعي) ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى لها عند زوجها"، وهكذا تتضح حكمة الختان في الرجال والنساء... وتبدو ملة أبينا إبراهيم - الذي سَمَّانا المسلمين، والذي سنَّ لنا الختان - تبدو ناصعة نقية تهتم بالصغير كما تهتم بالكبير، والختان من المسائل التي تبدو هينة بسيطة، ولكن في طيَّاته خيرٌ كثير، وفي تركه أذًى، وشرٌّ مستطير، واتباع هذا الدين في الصغير والكبير، وفي الحقير والخطير - هو السبيل الوحيد للنجاة من خِزْي الدنيا وعذاب الآخرة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
وأمَّا الطريقة المُثلى لختان البنات، فقد بيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أم عطية - رضي الله عنها - قالتْ: إن امرأة كانت تختن بالمدينة؛ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الألباني، وقوله: « » معناه: لا تبالغي في القطع؛ أي: اقطعي بعض القلفة، ولا تستأصليها.
»؛ رواه أبو داود وصححهولمعرفة المزيد عن الختان وكيفيته وفوائده؛ يُرجى مراجعة كتيب بعنوان "ختان الإناث رؤية طبية"؛ للدكتورة ست البنات خالد محمد علي،،
والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: