تظاهر الصائم بالإفطار.. رؤية شرعية أخلاقية
لدي سؤال يحيرني.
شخص أراد أن يمزح مع أصدقائه بإحضار كوب من الماء وهو صائم، فقد قام بتمثيل الشرب لكي يصدقه الأصدقاء بأنه مفطر، فقطرة من الماء نزلت على شفة الشخص. هذا الشخص يشك بأنه بلع الماء، لكنه في الأساس لم يبلع فهو يشك ويظل يشك. فما الحل يا إخواني؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن وضع الماء على شفتيه، أو تمضمض، ونحو ذلك، وشك في دخول الماء إلى حلقه، ولم يجزم، فصيامه صحيح، ولا يلزمه القضاء؛ لأن الأصل عدم دخول الماء، والأصل لا يزول بمجرد الشك، ولا ينبغي للمسلم أن يمزح فيتظاهر للناس بأنه مفطر في نهار رمضان؛ لما في ذلك من عدم تعظيم حرمة الصيام وتعريضه للفساد.
ولأن الناس قد يسيئون به الظن، والمسلم مطالب شرعاً بأن يصون عرضه لا أن يلطخه، وقد نص العلماء على أنه ينبغي للمسلم أن يتقي مواضع التهم، صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن، ولألسنتهم عن الغيبة، فإنهم إذا عصوا الله بذكره، وكان هو السبب فيه، كان شريكاً؛ كما قاله الغزالي في "الإحياء".
ثم إن تظاهر ذلك الرجل بأنه مفطر قد يدل على أنه لا يبالي بالناس، ولا يستحي منهم، ومن المعلوم أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، وقد خرج أنس بن مالك رضي الله عنه إلى الجمعة، فرأى الناس قد صلوا ورجعوا، فاستحى ودخل موضعاً لا يراه الناس فيه وقال: من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله. رواه ابن أبي شيبة.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: