هل أصلي الفوائت بعد ما شككت لفترة في دين الله؟

منذ 2018-06-02

إلى أن أتى علي وسواس في العقيدة وفي وجود الله - سبحانه - و لكني كنت أرده و لا أصدق في أغلب الأوقات، ولكن الوسواس كان ينال مني أحيانًا... هل يجب أن أصلي الفوائت؟

السؤال:

لقد كنت فيما مضى تاركًا للصلاة لفترة ٧ سنوات، يعني أصلي أحيانًا وأحيانًا لا أصلي، مع يقيني أن الصلاة مفروضة ولكني كنت أتكاسل، إلى أن أتى علي وسواس في العقيدة وفي وجود الله - سبحانه - و لكني كنت أرده و لا أصدق في أغلب الأوقات، ولكن الوسواس كان ينال مني أحيانًا فيجعلني أشك في دين الاسلام ووجود الله، ولا أعلم أي دين هو الدين الحق؟ فأذهب لمشاهدة مناظرات بين الإسلام و الأديان الأخرى، ثم أثبت على الإسلام.

  هكذا يتكرر الأمر إلى أن ثبت على الإسلام وأصبحت الوساوس لا تؤثر علي.

والسؤال هنا: هل يجب أن أصلي الفوائت؟

أم أن هذا الشك يعتبر كفر و ردة ولكني تبت وعدت إلى الإسلام، فلا يوجد علي صلاة فوائت لأن الإسلام يهدم ما قبله؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكر السائل، فلا يجب عليه قضاء ما فات من الصلاة؛ لأن الإسلام يَجُبُّ ما قبله؛ لأن تارك الصلاة كافر على الراجح، والكافر إذا أسلم، لا يلزمه أن يقضي ما تركه من العبادات حال كفره.

وإنما عليك الإكثار من فعل الخيرات وصلاة النوافل، فالإسلام يجبُّ ما قبله؛ لأنه بمثابة داخل جديد في الإسلام، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، وأبو محمد بن حزم، وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الصلاة المتروكة عمدًا لا يجب قضاؤها، ولا تُقْبَل، ولا تصح؛ لأنها صُلِّيَت في غير وقتها، وكان تأخيرها عنه لغير عذرٍ شرعي؛ فلم تُقْبَل، وأفتت بعدم القضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية.  

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(5 / 71)."فأما المرتد، فلا يجب عليه قضاء ما تركه في الردة، من صلاة وزكاة وصيام - في المشهور - ولزمه ما تركه قبل الردة - في المشهور".

وقال المرداوي في "الإنصاف": "وإن كان مرتدًا، فالصحيح من المذهب: أنه يقضي ما تركه قبل ردته، ولا يقضي ما فاته زمن ردته...

وقال أيضًا: "والصحيح: عدم وجوب العبادة عليه في حال الردة، وعدم إلزامه بقضائها بعد عوده إلى الإسلام". اهـ.

وقال أبو محمد بن حزم - في "المحلى" -: "من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها، فهذا لا يقدر على قضائها أبدًا، فَلْيُكْثِرْ من فعل الخير، وصلاة التطوع؛ ليُثَقِّل ميزانه يوم القيامة؛ وليَتُبْ وليستغفر الله - عز وجل.

وبرهان صحة قولنا: قول الله – تعالى -: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4،5]، وقوله – تعالى -: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59]، فلو كان العامد لترك الصلاة مُدرِكًا لها بعد خروج وقتها، لَمَا كان لَهُ الويل، ولا لَقِيَ الغي؛ كما لا ويل، ولا غي؛ لمن أَخَّرَها إلى آخر وقتها الذي يكون مدركًا لها.

وأيضًا فإن الله - تعالى - جعل لكل صلاة فرضٍ وقتًا محدودَ الطرفين، يدخل في حين محدود؛ ويَبطُلُ في وقت محدود، فلا فرق بين من صلاها قبل وقتها، وبين من صلاها بعد وقتها؛ لأن كليهما صلَّى في غير الوقت، وأيضًا فإن القضاء إيجاب شرع، والشرع لا يجوز لغير الله – تعالى - على لسان رسوله...

ونقول لمن خالفنا: قد وافقتمونا على أن الحج لا يجزئ في غير وقته، وأن الصوم لا يجزئ في غير النهار؛ فمن أين أجزتم ذلك في الصلاة، وكل ذلك ذو وقت محدود أوله وآخره، وهذا ما لا انفكاك منه؟!

ولو كان القضاء واجبًا على العامد لترك الصلاة حتى يخرج وقتها لما أَغْفَلَ الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولا نسياه، ولا تعمدا إعناتنا بترك بيانه: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64]، وكل شريعة لم يأت بها القرآن، ولا السنة فهي باطلة، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله»، فصح أن ما فات فلا سبيل إلى إدراكه، ولو أُدْرِكَ أو أمكن أن يُدْرَكَ؛ لما فات، كما لا تفوت المنسية أبدًا، وهذا لا إشكال فيه، والأمة - أيضًا - كلها مُجْمِعَة على القول، والحكم بأن الصلاة قد فاتت إذا خرج وقتها، فَصَحَّ فَوْتُهَا بإجماعٍ متيقن، ولو أمكن قضاؤها وتأديتها، لكان القول بأنها فاتت كذبًا وباطلًا؛ فثبت – يقينًا - أنه لا يمكن القضاء فيها أبدًا.

وممن قال بقولنا في هذا عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان وابن مسعود، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وبديل العقيلي، ومحمد بن سيرين ومُطَرِّفِ بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم". اهـ. باختصار وتَصَرُّف يسير.

وعليه؛ فلا يجب قضاء الصلاة الفائتة،،  

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام