هل يجوز للمتمتع أن يسافر بين العمرة والحج؟
هل يجوز أن أحرم من داخل مكة يوم الثامن أو السابع مساءً علمًا أنني بعد العمرة رجعت إلى الرياض، أم يجب الدخول لمكة محرمًا من الميقات؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا مقيم في الرياض وأنوي الذهاب للحج متمتعًا بالعمرة بإذن الله، ولكن سأقوم بعمل عمرة الحج في شهر ذو القعدة، وعلى هذا فسأبدأ مناسك الحج بذي الحجة بالمبيت بمنى قبل الذهاب لعرفة -بدون طواف أو سعي إن شاء الله-.
السؤال الأول: هل هذا يصح؟
السؤال الثاني: هل يجوز أن أحرم من داخل مكة يوم الثامن أو السابع مساءً علمًا أنني بعد العمرة رجعت إلى الرياض، أم يجب الدخول لمكة محرمًا من الميقات؟
ولكم جزيل الشكر.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإن حج التمتع هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ثم التحلل منها، والإحرام بالحج في نفس السنة:
وصفتها أن يحرم بالعمرة، وينوي الدخول في النسك، ويقول: "لبيك اللهم عمرة متمتعًا بها إلى الحج"، أو يقول: "لبيك اللهم عمرة"، ثم يلبي: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، فإذا وصل إلى مكة طاف لعمرته وسعى وحلق أو قصر وحل من عمرته، ويبقى في مكة إلى الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية، فيحرم فيه بالحج من منزله بمكة، ويفعل ما يفعله الحجاج من الذهاب إلى منى يوم الثامن والوقوف بعرفة ثم المبيت بمزدلفة ليلة العاشر.
والحاصل أن المتمتع يغتسل يوم الثامن استحبابًا من (الفندق) النازل فيه، ويصلي ركعتين؛ قال الإمام ابن قدامة "المغني" (3/ 246):
"وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل، وإذا أرادو الحج فمن مكة، أهل مكة من كان بها سواء كان مقيمًا بها أو غير مقيم؛ لأن كل من أتى على ميقات كان ميقاتًا له، فكذلك كل من كان بمكة فهي ميقاته للحج.
وإن أراد العمرة فمن الحل، لا نعلم في هذا خلافا؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم (عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم)؛ متفق عليه. وكانت بمكة يومئذ؛ والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى أهل مكة يهلون منها»، يعني للحج، وقال أيضا: «ومن كان أهله دون الميقات فمن حيث ينشئ، حتى يأتي ذلك على أهل مكة»، وهذا في الحج، فأما في العمرة فميقاتها في حقهم الحل من أي جوانب الحرم شاء".
ويشترط لحج التمتع، أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ولا يسافر بين العمرة والحج قال في "المغني" (3/ 413):
"ألا يسافر بين العمرة والحج سفرًا بعيدًا تقصر في مثله الصلاة، نص عليه.
وروي ذلك عن عطاء، والمغيرة المديني، وإسحاق، وقال الشافعي: إن رجع إلى الميقات، فلا دم عليه –يقصد دم التمتع – ، وقال أصحاب الرأي: إن رجع إلى مصره، بطلت متعته، وإلا فلا، وقال مالك: إن رجع إلى مصره، أو إلى غيره أبعد من مصره، بطلت متعته، وإلا فلا.
وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده، واختاره ابن المنذر؛ لعموم قوله تعالى: {مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]. ولنا، ما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "إذا اعتمر في أشهر الحج، ثم أقام، فهو متمتع، فإن خرج ورجع، فليس بمتمتع"، وعن ابن عمر نحو ذلك؛ ولأنه إذا رجع إلى الميقات، أو ما دونه، لزمه الإحرام منه، فإن كان بعيدًا فقد أنشأ سفرًا بعيدًا لحجه؛ فلم يترفه بأحد السفرين، فلم يلزمه دم – أي دم تمتع – ، كموضع الوفاق، والآية تناولت المتمتع، وهذا ليس بمتمتع؛ بدليل قول عمر".اهـ.
وعليه، فإن رجع السائل إلى الرياض بعد عمرة ذي القعدة، فقد نقض تمتعه، فإن دخل بعد ذلك لمكة كان مفردًا، ولا يلزمه دم تمتع،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: