هل الطلاق يقع بحديث النفس؟

منذ 2018-07-02

ما حكم الدين في وساوس الطلاق؟ ويكون ذلك حديثه فى نفسه سرا داخله بمعنى أنه لا ينطق بذلك و لم يتفوه و يلفظ به و ليس فى نيته الطلاق.

السؤال:

السلام عليكم

ما حكم الدين في وساوس الطلاق؟ بمعنى (ان يقول الرجل مثلا بيمين طلاق أنه لن يستمر فى غربته و بعده عن أهله بعد تاريخ معين) و يكون ذلك حديثه فى نفسه سرا داخله بمعنى أنه لا ينطق بذلك و لم يتفوه و يلفظ به و ليس فى نيته الطلاق و هل يقع الطلاق بما سبق ؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالطلاق لا يقع بحديث النفس، أو التفكير فيه، أو العزم عليه، ما لم يُتلفظ به باتفاق العلماء؛ وقال ابن عباس: "الطلاق عن وطر"؛ علقه البخاري.

وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما وسوست به وحدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به»؛ متفق عليه من حديث أبى هريرة ، فأخبر أن التجاوز عن حديث النفس امتد إلى هذه الغاية التي هي الكلام به والعمل به، وأخرجه النسائي والترمذي بلفظ: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل»، قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌ حتى يتكلم به".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (10/746)

"لو طلق في نفسه وجزم بذلك ولم يتكلم به فإنه لا يقع به الطلاق عند جمهور العلماء. وعند مالك في إحدى الروايتين يقع". اهـ.

وقال ابن قدامة - رحمه الله -: "وجملة ذلك أن الطلاق لا يقع إلا بلفظ؛ فلو نواه بقلبه من غير لفظ لم يقع في قول عامة أهل العلم; منهم عطاء وجابربن زيد وسعيد بن جبير ويحيى بن أبي كثير والشافعي وإسحاق، وروي أيضا عن القاسم وسالم والحسن والشعبي".

وقد أجاب أبو محمد ابن حزم على من أوقع الطلاق بالنيَّة فقال في "المحلى"(9/ 458):

"الفرض والورع أن لا يحكم حاكم ولا يفتي مفت بفراق زوجة عقد نكاحها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بغير قرآن أو سنة ثابتة.

واحتج من ذهب إلى هذا القول بالخبر الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيّات، ولكل امرئ ما نوى»، وهذا الخبر حجة لنا عليهم، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يفرد فيه النِّيَّة عن العمل، ولا العمل عن النِّيَّةِ، بل جمعهما جميعًا، ولم يوجب حكماً بأحدهما دون الآخر - وهكذا نقول: إن من نوى الطلاق ولم يلفظ به، أو لفظ به ولم ينوه فليس طلاق، إلا حتى يَلْفِظ به وينويه، إلا أن يخص نص شيئًا من الأحكام بِإِلْزَامِهِ بِنِيَّةٍ دُونَ عَمَلٍ، أو بعمل دون نيَّة؛ فنقف عنده". اهـ.

وعليه؛ فالطلاق لا يقع بحديث النفس، ولا بالعزم عليه ولا الهم به حتى يتكلم به، وأن من طلق امرأته في نفسه لم يلزمه الطلاق حتى يتلفظ به،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام