الناس في الكتاب والسنة إما مقيم وإما مسافر
عندنا شقه نقضى فيها الاجازه فى محافظه تبعد عننا ب 90 كيلو متر . هل نقصر الصلاه فيها اذا كانت اقامتنا أقل من 4 ايام ام لا يجوز القصر؟
عندنا شقه نقضى فيها الاجازه فى محافظه تبعد عننا ب 90 كيلو متر . هل نقصر الصلاه فيها اذا كانت اقامتنا أقل من 4 ايام ام لا يجوز القصر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم في المسافة المعتبر في القصر هو ما تعُارف عليه الناس أنه سفر، فيجوز فيه قصر الصلاة، وغيره من رخص السفر،واحتجُّوا بأنه لم يرد عن الشارع نصٌّ صريحٌ في تعيين المسافة، وأنَّ الأحاديث التي فيها مسافةٌ محددةٌ لا تفيد الشرطيَّة؛ لأنها حكايات أفعالٍ، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قدامة، كما في "المغني" حيث قال:
"إن التقدير بابه التوقيف؛ فلا يجوز المصير إليه برأيٍ مجرَّدٍ، لاسيما وأنه ليس له أصلٌ يردُّ إليه، ولا نظيرٌ يقاس عليه، والحجَّة مع مَنْ أباح القصر لكلِّ مسافرٍ، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه". اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (24/ 109): "وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ جَعَلَ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ مَشْرُوعًا فِي جِنْسِ السَّفَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، كما قال في آية التيمم: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43]، وكما قدمت النصوص الدالة على أن المسافر يصلي ركعتين، ولم ينقل قط أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصَّ سفرًا من سفر، مع علمه بأن السفر يكون حرامًا ومباحًا، ولو كان هذا مما يختص بنوع من السفر لكان بيان هذا من الواجبات، ولو بين ذلك لنقلته الأمة وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئا.
وقد علق الله ورسوله أحكامًا بالسفر كقوله تعالى في التيمم: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43]، وقوله في الصوم: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وقوله {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن»، وقوله: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم»، وقوله: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة»، ولم يذكر قط في شيء من نصوص الكتاب والسنة تقييد السفر بنوع دون نوع، فكيف يجوز أن يكون الحكم معلقًا بأحد نوعي السفر ولا يبين الله ورسوله ذلك؟! بل يكون بيان الله ورسوله متناولا للنوعين".اهـ.
أما مدة القصر فتبدأ من حين الخروج من المدينة؛ قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (5/322): "وأمَّا ابتداء القصر فيجوز من حين يفارقُ بنيانَ بلده، أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام".
ويستمر في القصر إلى أن يرجع بلدة أو قريته، طالت المدة أو قصرت؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (24/ 136):
"وأما "الإقامة" فهي خلاف السفر، فالناس رجلان مقيم ومسافر؛ ولهذا كانت أحكام الناس في الكتاب والسنة أحد هذين الحكمين: إما حكم مقيم، وإما حكم مسافر؛ وقد قال تعالى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} [النحل: 80]، فجعل للناس يوم ظعن ويوم إقامة، والله تعالى أوجب الصوم وقال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، فمن ليس مريضًا ولا على سفر، فهو الصحيح المقيم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة»، فمن لم يوضع عنه الصوم وشطر الصلاة، فهو المقيم.
وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجته بمكة أربعة أيام، ثم ستة أيام بمنى ومزدلفة وعرفة يقصر الصلاة هو وأصحابه؛ فدل على أنهم كانوا مسافرين، وأقام في غزوة الفتح تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة، ومعلوم بالعادة أن ما كان يفعل بمكة وتبوك لم يكن ينقضي في ثلاثة أيام ولا أربعة حتى يقال:إنه كان يقول اليوم أسافر غدا أسافر". اهـ.
وعليه، فيشرع لك القصر في تلك المسافة، وطيلة هذه المدة حتى ترجع،، والله أعلم
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: