زنا المحارم
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا شك أن جريمة الزنا من أقبح الذنوب وأكبر الكبائر، وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم، لأنه جمع بين فاحشة الزنا، وخيانة الأمانة، واستبدال ما جعله الله للمحرم من الحفاظ على عرض محارمه إلى هتكه وتضيعه، والغدر بالأهل والأقارب، إلى غير ذلك مما حرمه الله.
والواجب عليك أن تتوب إلى الله توبة صادقة، بالندم والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العود إليه، ومن شرط الإقلاع الابتعاد عن تلك الفتاة، فيحرم عليك الخلوة بها مطلقًا، والنظر إليها، وعدم الالتزام بهذه الشروط هو السبب في رجوعك عن التوبة، واقتراف الذنب.
وهذه هي شروط التوبة التي لا يقبل الله غيرها، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: 8]، والتوبة النصوح: وهي التوبة العامة الشاملة للذنوب، ولا يريد بالتوبة إلا وجه الله والقرب منه، ويستمر عليها في جميع أحواله، ووعد عليها بتكفير السيئات ومحو الذنوب والعفو عن الخطايا؛ قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104].
وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان: 68 - 70]
وأرشد الله التائبين إلى الإكثار من الأعمال الصالحة، وسلوك طريق الهداية، والابتعاد عن أسباب الغواية؛ فقال سبحانه وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]، وقال سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].
فاحرص على أداء الفرائض، وأكثر من فعل النوافل والأعمال الصالحة، خصوصًا الصيام، وقراءة القرآن بتدبر، فهذا فقط هو ما يقوي الإيمان في قلبك، ويصرف عنك رجز الشيطان، ولتحذر من التمادي فيفضحك الله أمام أسرتك والمجتمع، فإن من سنن الله تعالى في خلقه أن العبد إذا اغتر بستر الله، فضحه الله تعالى،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: