العمرة والحائض
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
إن كان الحال كما ذكرت فإن العمرة صحيحة؛ لأن تلك الإفرازات البنية ليست حيضًا؛ لأنها أتت منفصِلة عن دم الحيْض المعتاد، وبعدما رأيت الطهر؛ ففي البخاري عن أمّ عطية - رضي الله عنها - قالت: "كنَّا لا نعدُّ الكدرة والصفْرة شيئًا".
زاد أبو داود: "بعد الطهر".
وقد بوَّب البخاري بما يقتضي هذه الزّيادة، فقال: "باب الصفرة والكدرة في غير أيَّام الحيض".
ومراد أمّ عطية: أنَّ ذلك كان في زمَن النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - مع اطِّلاعه عليه وتقْريره له، وعلى هذا يكون الحديث له حكْم الرفع، كما نبَّه على ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، والحديث يدلُّ بمنطوقِه على أنَّ الصفرة والكدرة في زمَن الطهر ليستا حيضًا، كما يدلُّ بمفهومِه على أنَّهما في زمن الحيض حيض؛ ويدعم هذا المفهوم ما رواه مال في الموطَّأ، وأخرجه البخاري في ترجمة باب عن مرجانة - مولاة عائشة - قالت: "كان النساءُ يَبْعَثْنَ إلى عائشة بالدُّرْجةِ فيها الكُرْسُفُ، فيه الصُّفرَة من دم الحيضة، يَسألْنَها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تَعجَلْنَ حتَّى تَرَينَ القَصَّة البيضاءَ - تريد بذلك الطهر من الحيضة".
وروى أحمد وأبو داود عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة التي ترى ما يريبها بعد الطهر: (إنما هو عرق، أو قال: عروق)
إذا تقرر هذا؛ فالمرأة إذا طهرتْ الطهر من الحيْض، برؤية القصَّة البيضاء، وهو الماء الأبيض الذى يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، شبه لبياضه بالقص، وهو الجص، أو برؤية الجفوف، وهو خروج القطنة غير ملوَّثة بالدماء - فما بعد الطهر من كدْرة أو صفْرة، أو نقطة أو رطوبة، فهذا كلُّه ليس بحيض، حتى ينقضي شهر طهرها،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: